موارد الهلاك والدمار، فلا يرضى السلطان إلا بالخضوع المُطلق، فلا يسمع بين الناس إلا صوته ولا يقبل أن يسأل عما يفعل وهم يسألون. إنه المنطق الفرعوني الذي يتكرر على مدار التاريخ, وغالبًا ما يدور في فلك أصحاب النفوذ في كل مجتمع طبقة من الذيول والأتباع أو المريدين المحبين، يجعلون همهم الأكبر تلمس مواطن رضى رئيسهم، فيكونون حيث يريد وحيث يحب ويهوى، ويتنافسون في أن يزينوا له سوء عمله ليراه حسنًا ويراه الأتباع مقبولًا، وهؤلاء موجودون في كل فئة من فئات المجتمع, ووجودهم حول السلطان الأكبر أكثر وخطرهم على الرعية أشد قسوة من خطر السلطان نفسه؛ لأنهم ينطلقون في البلاد يعيثون فيها فسادا باسم السلطان وفي حمايته، وكم قاست الشعوب وذاقت مرارة الظلم والقهر من بطش هؤلاء الأتباع، ومع كثرة هؤلاء واشتداد قسوتهم يزداد إحساس الشعوب بالقهر والظلم, ومن المعلوم أن نفوس بني آدم متنوعة ومواقفهم متباينة, فإذا وجدت شخصًا في أمة يعارض هذا اللون من السياسة الفرعونية، فإنك تجد بجانبه الجمهور الأعظم من الناس يؤثرون الصمت، ويفضلون الفوز بإحدى الحسنيين, وهي السلامة من بطش السلطان، وربما ينضم إلى قافلة "المريدين" والمسبحين باسمه.