وبالتالي فإن وظيفة الإنسان في الموقف المعرفي ليست مرتبطة بتحقيق غايته وأهدافه الشخصية بقدر ما هي مرتبطة بتحقيق أهداف الوحي, ومقاصده من الموقف المعرفي.

إن أهداف الإنسان ومقاصده من المعرفة قاصرة على تحقيق مطالبه هو, ومقاصده هو, وأهوائه هو، حتى ولو كان ذلك على رقاب الآخرين ومقاصدهم. أما أهداف الوحي ومقاصده فهي تحقيق الخير لكل بني الإنسان, وتوظيف المعرفة لصالح كل بني الإنسان. فأهداف الوحي ومقاصده عامة للإنسان من حيث هو إنسان, مؤمنا كان أو كافرا, بخلاف المذاهب الفلسفية الأخرى فإن مقاصدها خاصة وغاياتها قاصرة على أتباعها فقط.

ففي تصور الإسلام لقضية المعرفة ومقاصدها نجد الإنسان مؤتمنا على هذا الكون، مكلفا بعمارته، مطالبا باكتشاف قوانينه كما هو مكلف بتوظيف العلم والمعرفة حسب أوامر الوحي وليس حسب أهواء العلماء ومقاصدهم, يوظف الكون لتحقيق خير الإنسان عامة وليس لتحقيق جموحالمهووسين. نعم إن هناك فارقا كبيرا بين تصور الإسلام لأهداف المعرفة ومقاصدها وأهداف العلماء ومقاصدهم من المعرفة، ولعل الفارق يبدو واضحا بين عالم يوظف علمه ومعرفته لصالح الإنسان وعمارة الكون، وعالم آخر يوظف علمه لتدمير الإنسان وخراب هذا الكون, فالعالم الثاني يحقق بعلمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015