بل رأينا بعض المنصفين من الواقفين على السيرة المحمدية الذين يفهمون القرآن فى الجملة يعتقدون أنّ ما وجد ولن يوجد مثله فى المستقبل: ومنهم الأستاذ وليام موير الانكليزى المشهور (?)، ومنهم ذلك الفيلسوف الطبيب السورى الكاثوليكى النشأة. المادى الكهولة الذى رأى فى مجلة المنار بعض المناقب المحمدية فكتب إلينا كتابا
نشرناه فى الجزء الأول من المجلد الحادى عشر سنة 1336 هذا نصه:
مكتوب الدكتور شبلى شميل المادى فى تفضيل محمد صلّى الله عليه وسلم على جميع البشر إلى غزالى عصره السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار:
«أنت تنظر إلى محمد كنبى، وتجعله عظيما، وأنا أنظر إليه كرجل وأجعله أعظم، ونحن وإن كنا فى الاعتقاد (الدينى أو المبدأ الدينى) على طرفى نقيض فالجامع بيننا العقل الواسع، والإخلاص فى القول، وذلك أوثق بيننا لعرى المودة».
الحق أولى أن يقال
دع من محمّد فى سدى قرآنه ... ما قد نحاه للحمة الغايات
إنى وإن أك قد كفرت بدينه ... هل أكفرنّ بمحكم الآيات
أو ما حوت فى ناصع الألفاظ من ... حكم روادع للهوى وعظات
وشرائع لو أنهم عقلوا بها ... ما قيدوا العمران بالعادات
نعم المدبّر والحكيم وإنّه ... ربّ الفصاحة مصطفى الكلمات
رجل الحجا رجل السياسة والدها ... بطل حليف النصر فى الغارات
ببلاغة القرآن قد غلب النهى ... وبسيفه أنحى على الهامات
من دونه الأبطال فى كل الورى ... من سابق أو حاضر أو آت
والمؤمنون بهذه الحقيقة من أحرار مفكّرى الشعوب كلّها كثيرون كما قلنا، ولكن الجاحدين لوجود رب مدبر للعالمين قليلون، وأن محمدا صلّى الله عليه وسلم لحجة عليهم فيما شهدوا له به