الوحي المحمدي (صفحة 70)

«وقضى ستّة أشهر فى هذه الحال حتى خشى على نفسه عاقبة أمره، فأسر بمخاوفه إلى خديجة فطمأنته وجعلت تحدّثه بأنه الأمين، وأن الجن لا يمكن أن تقترب منه، وفيما هو يوما نائم بالغار جاءه ملك فقال له: أقرأ. قال: «ما أنا بقارئ» وكان هذا أول الوحى وأول النبوّة».

«وهنا تبدأ حياة حدة روحية قوية غاية القوة. حياة تأخذ بالأبصار والألباب، ولكنها حياة تضحية خالصة لوجه الله والحق والإنسانية» أ. هـ.

أقول: إنّ كلّ ما هنا من خبر أو جله غير صحيح، ولو صحت لكان ما استنبطه منها مما يخطر بالبال، ولكن الوحى المحمدى فوق كل استنباط وكل احتمال، فمن أين علم هذا الإفرنسى أن محمدا نسى الليل والنهار، والحلم واليقظة؟ وأنه كان يقضى الساعات الطوال جاثيا فى الغار أو مستلقيا فى الشمس ... إلخ وإنه قضى ستة أشهر فى هذا

الحال؟.

قد افترى فى الأخبار (?) ليستنبط منها أنه صار صلوات الله عليه مقلوبا على عقله، غائبا عن حسه، غارقا فى بحر لجى من خياله. أثمر له انبثاق ذلك الوحى العالى من نفسه، وتجليه لبصره وسمعه.

وإننى أبدأ الردّ عليه وعلى أمثاله بنقل أصحّ الروايات فى خبر تحنثه فى الغار الليالى ذوات العدد- من شهر رمضان فى تلك السنة لا فيما قبلها- لتفنيد أخيلته وشعرياته، وإبطال نتيجة مقدماته، وللاستغناء بها عما نقله من الخلط فى صفة الوحى من الفصل الذى بعد هذا من كتابه. ذلك ما رواه الشيخان البخارى ومسلم فى صحيحيهما، وهذا نص رواية البخارى رضى الله عنه فى كتابه الجامع الصحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015