الوحي المحمدي (صفحة 63)

المقدمة السادسة: ما قيل من وجود يهود ونصارى بمكة

زعم درمنغام أنه كان بمكة نفسها أناس من اليهود والنصارى، ولكنهم كانوا عبيدا وخدما وكان رؤساء قريش لا يسمحون لهم أن يسكنوا فى مكّة حرمهم المقدس الخاص بوثنيتهم وأصنامهم، بل كان هؤلاء يسكنون فى أطراف مكة (فى المنازل البعيدة عن الكعبة المتاخمة للصحراء)، وكانوا يتحدثون بقصص عن دينهم لا تصل إلى مسامع رؤساء قريش وعظمائهم، أو ما كانوا يحفلون بها لسماع أمثالها فى رحلاتهم الكثيرة، ولكنه ذكر أن أبا سفيان عتب على أمية بن أبى الصلت كثرة تكريره لما يذكره الرهبان من هذا الأمر.

فهذه مقدمات يذكرها كتاب الإفرنج لتعليل ما ظهر به محمّد صلّى الله عليه وسلم من دعوى النبوة يعنون أنه سمع ما سمع من أخبارها فتعلّقت نفسه به، على طريقتهم فى الاستنباط، وما يسمونه النقد التحليلى، ويقرنون بها مقدمات أخرى فى وصف حالته النفسية والعقلية، وحالة قومه وما استفاده منها من تأثير وعبرة. فنلخصها مضمومة إلى ما قبلها، مع الإلمام بنقدها.

المقدمة السابعة: ما زعمه من سبب نشوء محمّد صلّى الله عليه وسلم أميا وما استفاد من رحلاته التجارية

قال درمنغام فى كفالة أبى طالب لمحمد بعد وفاة جده: «إنه لم يكن غنيا فلم يتح له تعليم الصبى الذى بقى أميا طوال حياته (يوهم القارئ أن أولاد الموسرين بمكة كانوا يتعلّمون، كأن هناك مدارس يعلم فيها النشء بالأجور كمدارس بلاد الحضارة وهذا باطل لا أصل له) ثم قال: ولكنه كان يستصحبه وإياه فى التجارة فيسير والقوافل خلال الصحراء يقطع هذه الأبعاد المتنائية، وتحدق عيناه الجميلتان بمدين ووادى القرى وديار ثمود، وتستمع أذناه المرهفتان إلى حديث العرب والبادية عن هذه المنازل وحديثها وماضى نبئها، ويقال إنه فى إحدى هذه الرحلات إلى الشام التقى بالراهب بحيرا فى جوار مدينة بصرى، وأن الراهب رأى فيه علامات النبوة على ما تدله عليه أنباء كتبه، وفى الشام عرف محمد أحبار الروم ونصرانيتهم وكتابهم، ومناوأة الفرس من عباد النار لهم، وانتظار الوقيعة بهم».

كل ما ذكره درمنغام هنا هو من مخترعات خياله، ومبتدعات رأيه، ألبسه حلة من طراز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015