ليس هذا فحسب بل إنه يتحرك له أثرا سلبيا بالغ الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بالصورة التى يتركها لدى غير المسلم من أنهم عاجزون عن الاتفاق على موقف واحد وصورة موحدة لعقيدتهم وتشريعاتهم .. ومن ناحية أخرى فإن أخطر وأهم أسباب تصورنا وعدم استجابة الآخرين لمعطيات شريعتنا هو أوضاعنا الداخلية فى أنحاء العالم الإسلامى الذى عانى من التمزق والعجز والتخلف، بينما جوهر الإسلام وصريح القرآن يدعوان إلى الوحدة، وإلى القوة وإلى التقدم، وهى المبادئ التى قامت عليها الدولة فى عصر النبوة والراشدين، وعصور ازدهار الدولة المسلمة التى شرّقت وغرّبت فيما وراء ما بين المحيط والخليج وصولا إلى آسيا الوسطى وبلاد ما وراء النهر وتحت حكم دام قرونا فى الأندلس حتى جنوب فرنسا.
وهى الفترة التاريخية التى ازدهرت فيها حضارة الإسلام وأفرزت الشوامخ الكبار من علماء المسلمين فى كل فروع المعرفة والذين كان عطاؤهم هو المحرك والمؤثّر الأكبر فى النهضة الأوروبية فى العصور الوسطى.
ومما هو جدير بالتسجيل أن يكون هذا هو ما قال به حكيم الشرق، وباعث النهضة السيد جمال الدين الأفغانى، والأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده. وما سجّله الشيخ رشيد رضا فى مقدمة الطبعة الأولى لهذا الكتاب.
الأمر الذى يؤكد حقيقة بالغة الأهمية فى كيفية استعادة دور ومكانة الإسلام فى العلم، ليس اعتمادا على مجرد التبليغ بل أهم منه هو أن تكون حال المسلمين فى الداخل صورة صحيحة وصادقة عن الإسلام حتى يصدق المدعون ما ندعوهم إليه.
وهنا نصل إلى الباعث الدافع للشيخ رشيد رضا على تأليف هذا الكتاب. وهو الإسهام فى تصفية وتوضيح حقيقة الإسلام التى ينبغى أن يلتقى حولها المسلمون- كل
المسلمين- على اختلاف مشاربهم فى كل مكان من العالم.
وبعد فإن ذلك العصر الذى ازدان بهؤلاء الشوامخ من المصلحين وكبار المفكرين كان وسيبقى رجاله وأعلامه نعم القدوة والأسوة لأبناء الأمة فى هذا الزمن الذى تزحف فيه القوى