وهنا كان إصداره لمجلة «المنار» ذات المكانة والتأثير الثقافى الرفيع فى كلّ مكان عرفت فيه فى ديار الإسلام. حيث ضمّها آراءه الإصلاحية التى كانت ثمرة ناضجة لعلاقته بالأستاذ الإمام، ولاهتماماته الواسعة لقضايا المسلمين والإسلام، ولا سيما اهتماماته بالإصلاح الدينى الذى كان أستاذه الشيخ محمد عبده هو الرائد له فيها، وكان إطارها العام هو تخليص مناهج التعليم الأزهرى من الحشود من الحواشى والتقارير وغيرها مما يعطل ملكات الطلاب ويقف بهم عند مجرد الاستظهار والحفظ.
وظل الرجل يتدخل بين ديار الإسلام وغيرها العربية حتى استقر به المطاف فى وطنه الثانى مصر حتى لقى ربه.
أما عن هذا الكتاب فهو رسالة إلى الأمة المسلمة يشرح فيها المؤلف أسباب عجز المسلمين عن إبلاغ روعة الإسلام إلى العالم على الوجه الذى يحقق اقتناع غير المسلمين بالإسلام، ثم يؤدى إلى دخولهم فيه.
والقضية فعلا كانت وستبقى محل الاهتمام والتساؤل لأنها هى القضية المحورية للدعوة والدعاة .. وسبب التساؤل هو أنه على الرغم من كثرة وتعدد المؤسسات والهيئات التى تعمل فى حقل الدعوة الإسلامية إلّا أنّ القوى المعادية للإسلام لا تزال ممتلكة للتفوق فى إحداث التأثير المعاكس فى الإساءة إلى الإسلام وفى تنفير غير المسلمين منه وهنا تكون التساؤلات:
هل السبب فى ذلك وفرة الإمكانات المادية والتقنية التى تعطيهم من مساحة بث دعاواهم واتهاماتهم للإسلام ما لا تجده المؤسسات الإسلامية؟
وربما كان هذا- فعلا- أحد الأسباب لكنه ليس كلّ الأسباب ولا أهمها، لأنّ الأسباب الحقيقية هى فينا نحن المسلمين فهى أسباب داخلية أكثر منها خارجية.
ففي الجانب العقيدى البحت- جانب التعريف بالإسلام عقيدة وشريعة- تطفو الخلافات الفقهية المتصلة بفروع الشريعة .. وتطفو لتتخذها بعض الهيئات والمؤسسات لتعرضها وتركز عليها وكأنها هى أصل الإسلام الأمر الذى يفقد الدعوة ركنها الأهم الذى ينبغى أن يقدم إلى الناس ويتم التعريف به.