المشهور: أن أرقى البشر عقلا ورأيا فى شئون العالم رجال السياسة الدولية فى الغرب، وإنك لتجد غاية سياستهم أن يسخروا ثروة شعوبهم ونتائج علومها وفنونها لعداوة بعضهم لبعض، وإعدادها للتقتيل والتدمير. أليست هذه السياسة الشيطانية مصداقا لقول الله تعالى فيهم: تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (63) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل: 63، 64].
(ثانيها) ما يجب اعتقاده من البعث بعد الموت والحساب، والجزاء على الإيمان والأعمال، وهو أكبر البواعث- بعد الإيمان بالله ومعرفته- على اتباع ما شرعه من اتباع الحق، وإقامة العدل، وأعمال البر والخير، والصدود عن أضدادها.
(ثالثها) وضع حدود وأصول للأعمال التشريعية المشار إليها لا مجال للآراء والأهواء فيها، لتكون جامعة للكلمة، مانعة من التفرقة، متبعة فى السر والعلانية.
وجملة القول: أن تهذيب البشر بالدين مبنى على الإيمان بالغيب والوقوف فيه عند خبر الأنبياء عليهم السلام، ولا يمكن تهذيبهم بالعلوم المادية الكسبية وحدها وهو ما نكرر بيانه فى هذا الكتاب.