التاريخ، وأن ما قد يصح منه عقيم لا ينتج ما ادعوه، وعلمتم أنه فى جملته مخالف للعلم والفلسفة وطباع البشر وسنن الاجتماع ووقائع التاريخ.
ونحن نتحداكم الآن بالإتيان بعلل أخرى لما عرضناه على أنظاركم من وحى الله تعالى وكتابه لمحمد صلّى الله عليه وسلم مع القطعى من تاريخه- علل يقبلها ميزان العقل المسمى بعلم المنطق، وسنن الإنسان، وعلم الاجتماع.
فإن لم تستطيعوا- ولن تستطيعوا- أن تأتونا بعلل تقبلها العقول، وتؤيدها النقول فالواجب عليكم أن تؤمنوا بنبوّة محمد صلّى الله عليه وسلم ورسالته، وبكتابه المنزل عليه من عند الله تعالى لإصلاح البشر، وأن تتولوا الدعوة إلى هذا الإيمان، ومعالجة أدواء الاجتماع الحاضرة به، بعد أن عجزت علومكم الواسعة، وفلسفتكم الدقيقة أن توقف عدوى فساد الإباحة وعبادة الشهوات وفوضى الأفكار فى الأمم، وعجزت عن منع دول حضارتكم أن تنفق معظم أموالها المنتزعة من شعوبها ومستعمراتها فى الاستعداد لحرب البغى والعدوان المدمرة، وتأريث العدوات بين شعوب الأرض كافة، بل زادوا شعوبهم عداوة وشنآنا وبغيا وعدوانا، بما هو شر مما عليه قبائل الهمج وسباع الوحش والطير والسمك؛ فقد كان غاية شوط هذه العلوم الواسعة عند هذه الدول أعظم نكبة على البشر، فإن أبيتم وتوليتم أيها العلماء عن دعوة الإسلام إلى السلام، فعليكم إثم شعوبكم ودولكم وسائر الناس.
لقد كتب النبى صلّى الله عليه وسلم لكل ملك وزعيم دعاة إلى الإسلام: «فإن تولّيت فعليك إثم من ولّيت أمرهم».
ونقول لكم اليوم: فإن توليتم فعليكم إثم البشر كلهم، لأنكم إذا أظهرتم الإيمان وتواطأتم على نشر الدعوة إليه، لا تلبث جميع الشعوب أن تستجيب لكم، وترغم حكوماتها على الأخوة الإنسانية والسلام، بهداية الإسلام.