الوحي المحمدي (صفحة 131)

العود إليها المؤدى إلى الإسرار المهلك، ويغفرها لكم بسترها وترك العقاب عليها وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ، ومن أعظم فضله أن جعل هذا الجزاء العظيم (وهو الفرقان) بقسميه السلبى والإيجابى جزاء للتقوى وأثرا لها». انتهى تفسير الآية مختصرا.

سنّة القرآن فى الإرشاد إلى العبادات

وأما سنّة القرآن فى الإرشاد إلى الأعمال الصالحة فهى بيان أصولها ومجامعها وتكرار التذكير بها بالإجمال، وأكثر ما يحث عليه من العبادات الصلاة التى هى العبادة الروحية العليا، والاجتماعية المثلى، والزكاة التى هى العبادة المالية الاجتماعية الكبرى. كرر الأمر بهما فى آيات كثيرة، وبين أهم منافعهما بقوله تعالى: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ [العنكبوت: 45]، وقوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج: 19 - 25].

ولم يكرر فيه ما يحفظ بالعمل والاقتداء بالرسول من أحكام الصلاة والزكاة والصيام والحج، بل لم يذكر منها إلا ما لذكره فائدة خاصة. وذكرت فيه أحكام الصيام فى موضع واحد من السورة الثانية، ولم يذكر فيه عدد الركعات فى كلّ صلاة، ولا عدد الركوع والسجود ولا نصاب الزكاة فى كل نوع مما تجب فيه؛ لأنّ كلّ هذا يؤخذ من بيان الرسول ويحفظ بالعمل، وليس فى ذكره تزكية للنفس ولا تغذية للإيمان، وسيأتى بعض فوائد الزكاة فى الكلام على إصلاح القرآن المالى من المقصد السابع.

وسنعقد فى ملحقات الكتاب من الجزء الثانى منه فصلا فى أسرار العبادات الإسلامية من روحية واجتماعية وصحية نبين بها فضلها وامتيازها على جميع عبادات الملل الأخرى؛ فيعلم به أنه لو لم يجئ محمد صلّى الله عليه وسلّم بغيرها لنهضت برهانا على نبوته. وإكمال الله الدين به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015