وردّ الجمهور عليهم بأن قصة مسجد ذي القبلتين هي أصلًا من أخبار الآحاد، وعلى فرض ثبوتها، فلعله انضم إليها ما يفيد العلم كقربهم من مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وسماعهم ضجة الناس، وترقبهم تحول القبلة إلى البيت الحرام، وأن إرسال الآحاد للتبليغ، فيجوز فيه خبر الآحاد، وليس فيه دلالة على وقوع نسخ المتواتر بالآحاد، وأن نسخ القرآن بالسنة الآحاد فيه خلاف، ويحمل في الغالب على التخصيص، لا على النسخ.
الحالة الثانية: نسخ خبر الآحاد بخبر الآحاد، وهذا جائز شرعًا، وواقع فعلًا، وسبقت أدلته، كنسخ تحريم زيارة القبور، ونسخ تحريم ادخار لحوم الأضاحي، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في شارب الخمر: "فإن شربها الرابعة فاقتلوه" (?)، ثم نسخ بحديث آحاد وفيه "أنه حمل إليه من شربها الرابعة فلم يقتله" (?)، وله أمثلة أخرى (?).
اختلف العلماء في نسخ السنة بالقرآن على قولين:
القول الأول: جواز نسخ السنة بالقرآن، وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة والظاهرية، وكئير من الشافعية، واستدلوا على ذلك بوقوعه فعلًا في عدة أمثلة:
1 - نسخ استقبال القبلة إلى بيت المقدس المقرر بالسنة، بقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ