قال اللَّه تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)} [البقرة: 106].
فالآية صريحة بأن اللَّه تعالى ينسخ بعض الآيات، ويأتي بخير منها أو مثلها، وأن اللَّه يعلم ذلك ابتداء، وأنه يقدر على النسخ، وسيأتي مزيد من المثلة في نسخ القرآن بالقرآن في عدة آيات: في نسخ القبلة، والوصية للوالدين والأقربين، والعدد الذي يجب الثبوت أمامه في القتال، وعدة المتوفى عنها زوجها، وتقديم الصدقة قبل المناجاة، ومنع القتال في الشهر الحرام، وغيرها (?).
روى بريدة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "كنتُ نهيتُكُم عن زيارةِ القبورِ فَزُورُها"، وفي رواية الترمذي زيادة: "فإنَّها تذكِّركم الآخرة" (?)،
فالحديث صريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن زيارة القبور سابقًا، ثم أمر به، ورغب فيه، ونسخ حكم النهي السابق، وسترد أحاديث أخرى من السنة، كالنهي عن ادّخار لحوم الأضاحي، ثم السماح به، ونسخ وجوب صوم عاشوراء بصوم رمضان، وغيره.
أجمع الصحابة والسلف على أن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ناسخة لجميع الشرائع السابقة، في غير أصول العقيدة والأخلاق، كتحريم الشحوم، وكل ذلك ظفر على اليهود بسبب ظلمهم وأكلهم أموال الناس بالباطل بالربا وغيره، ودل على ذلك قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}،