وإن علم أصول الفقه يشكل المنارة الوضَّاءة بين العلوم الشرعية، ويعتبر مفخرة الأمة في حضارتها وعلومها، وذلك أنه عبارة عن القواعد والمبادئ التي سار عليها الفقهاء في استنباط الأحكام وبيانها للناس، وأنه يكوِّن الضوابط التي يلتزم بها الفقيه، بقصد أن يكون طريقه مستقيمًا واضحًا، لا يعتريه وهن أو انحراف، ولا خبط أو اضطراب.
كما أن هذا العلم هو المصباح الذي ورثته الأجيال، وحمله العلماء على مر العصور، لبيان الأحكام الشرعية في كل جديد، ومعالجة المشاكل التي تطرأ، وغير ذلك من تفسير النصوص، وبيان دلالات الألفاظ، والتوفيق بين الأدلة، وإزالة التعارض وكيفية الترجيح، ومنهج الاجتهاد، ومقوماته، وفق منهج محدد يسير عليه العالم في الاجتهاد والاستنباط (?).
ومما يبهج النفس، ويسعد القلب أنه ظهر في هذه السنوات الثلاثين الأخيرة عدد من أمهات كتب الأصول، التي تعتبر من مصادره الأصلية، ومراجعه المعتمدة، كالبرهان لإمام الحرمين الجُويني، والمحصول لفخر الدين الرازي، والعُدَّة لأبي يَعْلى الفراء الحنبلي، وشرح الكوكب المنير لابن النجار الفتوحي، وشرح تنقيح الأصول للقرافي المالكي، والتبصرة للشيخ أبي إسحاق الشيرازي، والمنخول لحجة الإسلام الغزالي، وشفاء الغليل للشيخ أبي جامد الغزالي أيضًا، والمختصر في أصول الفقه لابن اللحام البعلي، والمغني للخبازي الحنفي، والتمهيد لأبي الخطاب الكلوداباذي .. ، وغيرها كثير (?).