بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمة للعالمين، الذي أدى الأمانة، وبلّغ الرسالة، ونَصَحَ الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وترك أمته على بيضاء نقية، ليلها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالك.
وبعد:
فقد عشت مع علم أصول الفقه أكثر من أربعين سنة، فدرَسْته في الثانوية الشرعية، وفي كلية الشريعة وكلية الحقوق بجامعة دمشق، وفي جامعة القاهرة وجامعة الأزهر، ثم درّسته أكثر من ربع قرن.
ومارست كتبه في التأليف والتحقيق، ولمست أهميته وفائدته النظرية والعملية، وأحببت أن أكتب فيه كتابًا مبسطًا يغطي مباحثه؛ لأن دراسة علم الأصول تصقل الذهن، وتشحذ العقل، وتفتح الدماغ، وتنير الطريق، وتكوِّن الملكة الفقهية، وترشد الإنسان إلى ينابيع المعرفة، ومصادر الخير، وتضع اليد على الموازين السليمة، والمعايير الدقيقة، والضوابط الحكيمة، لإدراك الأحكام الشرعية، وبيان مدى الالتزام بشرع الله ودينه القويم، ليكون المؤمن على المحجَّةِ البيضاء، ويقف الإنسان لمامة على محاسبة نفسه قبل أن يحاسب.