عقلية وفقهية تصحح تفكيره، وتعبد الطريق أمامه للاجتهاد والاستنباط والإدراك الصحيح والفهم التام للحكم على الأشياء، ليكون في المستقبل القريب من علماء الأمة ورجال الغد، وحملة الرسالة السماوية والأمانة الإلهية في التشريع، ويصبح قادرًا على استنباط الأحكام من الأدلة.

5 - يرسم علم أصول الففه الطريق للعلماء، في كل عصر لمعرفة حكم الله تعالى في المسائل المستجدة، والوقائع الحادثة التي لم يرد فيها دليل شرعي، ولم ينص عليها الأئمة في كتبهم، فيخوض العالم غمار هذه الأحداث فيعرف ما يتفق منها مع حكم الله تعالى، وما يحقق شريعته، ويحفظ مقاصده الأصلية، فيبقى التشريع مسايرًا لتطورات الزمن، ولا شك أن الحاجة ملحة للتشريع الدائم، والاجتهاد المستمر، لأن التشريع نفسه وليد الحاجة، وإذا كان من الترف الفكري والعقلي وجود الفقه الافتراضي، فإنه من الخطأ الفادح، والتقصير الآثم جمود الفقه والتشريع عن مجاراة العصر وبيان كل ما يقع فيه من جديد، لأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، ومن ذلك طفل الأنابيب، وموانع الحمل، والتأمين على الحياة، والتعامل مع المصارف، ونقل الأعضاء، وموت الدماغ، والتجارة الدولية، وحوادث السير، ونظام المرور، والاتصالات الحديثة، والأعمال المصرفية، والمواصلات الدولية، وغيرها كثير.

وإن علم أصول الفقه هو الذي يعرفنا على الأحكام الشرعية في كل حادث وطارئ، فقد قال علماء الأصول: إن لكل واقعة حكمًا لله تعالى، وإن كل مجتهد مأجور، وهذا يبين السبب في غلق باب الاجتهاد الذي أوصده العلماء أمام الجهال والدجالين، وأنصاف المتعلمين، خشية أن يتولوا كرسي الاجتهاد، ويدسُّوا في الدِّين ما ليس فيه، فيَضلوا ويُضلوا، كغلق المدرسة إذا لم يتوفر طلاب أو أساتذة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015