3 - إن علم الأصول يبين للأمة عامة، ولأتباع المجتهد، ودارسي الفقه خاصة، المنهج الذي سلكه الإمام المجتهد، ويرسم أمامهم معالم الطريق الذي سار عليه في الاستنباط والاجتهاد لتطمئن قلوبهم لعلمه، وتزداد ثقتهم بالحكم الذي وصل إليه، وتستقر نفوسهم إلى مسلك الإمام وأساس الاختلاف، وأن المجتهد يقصد وجه الله تعالى ويبغي مرضاته في عمله، دون أن يدفعه لذلك الهوى الجامح، أو المصلحة الشخصية، أو القصد المادي، أو التطلع إلى منصب أو جاه.
وأتباع كل مذهب -وإن لم يصلوا إلى درجة الاجتهاد، ولم ينزلوا إلى درجة العوام- يرغبون بطبيعة الحال في معرفة أساس الاجتهاد عند الأئمة، وكيف وصلوا إلى استنباطها، ولا يتمكنون من ذلك إلا بدراسة علم أصول الفقه، وإن فعلوا ذلك فقد نفوا عن أنفسهم وصمة التقليد الأعمى للإمام.
والعلماء -إن عرفوا مناط الأحكام وسبل الاجتهاد وأساس التشريع- إن ورد أمامهم رأيان استطاعوا أن يختاروا الرأي الأقرب إلى قواعد المذهب، وإن اعترضتهم جزئية صغيرة استطاعوا تخريجها على أصول المجتهد (?).
4 - إن علم أصول الفقه يكوِّن عند الطالب والدارس والباحث ملكة