المثل في الأصْل يشتمل على ذكر تماثل الشيئين كقولهم: كما تدين تدان، وهو من قولك: هذا مثل الشيء، ومثله كما تقول شبهه وشبهه، وبين المثل والشبه فرق ذكرناه في كتاب " البديع في الفروق " ثم جعل كل حكمة [وسائرة ومثلا]، وقد يأتي القائل بما يحسن أن يتمثل به، إلا أنه لا يتفق له أن يسير فلا يكون مثلا.
وهو في القرآن على أربعة أوجه:
الأول: الشبه، قال الله: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) وقال: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا). وقوله: (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا) أي:. وصف شبها، وضرب المثل جعله يسير في البلاد من قولك ضرب في الأرض إذا سار فيها.
الثاني: العبرة، قال اللَّه: (فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ) وقوله: (وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) والمعنى أنه صارت له شهرة كشهرة الأمثال السائرة، وأراد أن من بعدهم يتمثل بهم إذا رأي مثل حالهم.
الثالث: على ما قيل الصفة، قال اللَّه: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ) أي: صفتها أن فيها أنهارا.