وأصل: (ادَّارَكَ): تدارك كأنَّه قال: قد يدرك بعض علمهم بعضا في الآخرة حتى تكامل، ثم قال: (بَل هُم فِي شَكٍّ مِنْهَا)، وهذا إخبار عن الدنيا، كأنَّه قال: دع ما تقدم ذكره من تكامل علمهم في الآخرة بأن ما وعدوا منها حق مع ما أفدتك بذلك، وخذ في أنهم في الدنيا شاكون في البعث، ثم قال: (بَل هُم مِنْهَا عَمُونَ) أي: دع ما تقدم من ذكر شكهم، وخذ في أنهم عمون عنه، أي: جاهلون، والشاكُّ في الشيء بمنزلة الجاهل به، وقوله: (بَل هُم مِنْهَا عَمُونَ) توكيد لقوله: (بَل هُم فِي شكٍّ منهَا) وهذا كقولك: فلان جاهل بكذا، بل هو أعمى عنه، تريد توكيد ما وصفته به من الجهل.

وأما " بلى " فليس من " بل " في شيء، و " بل " لا يكون إلا جوابا لما كان فيه حرف جحد، كقوله تعالى: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى)، وقوله: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) ثم قال في الجواب: (قَالُوا بَلَى) وهو مخالف لنعم لأن نعم لا يكون إلا جوابا للاستفهام بلا جحد؛ كقوله تعالى: (فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ) وكذلك جواب الخبر، إذا قال: فعلت ذلك، قلت: نعم لعمري قد فعلته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015