58 - كمدّ وإثبات وفتح ومدغم ... وهمز ونقل واختلاس تحصّلا
59 - وجزم وتذكير وغيب وخفّة ... وجمع وتنوين وتحريك أعملا
إذا قيد القراءة بقيد وكان هذا القيد ضدّا لقيد القراءة الأخرى؛ فإنه يكتفي بذكر قيد القراءة الأولى ويترك ذكر قيد القراءة الأخرى اختصارا؛ فإن أحد الضدين يدل على الآخر، وحينئذ يقرأ من يذكرهم من القراء بالقيد المذكور، ويقرأ من لم يذكرهم بضده كقوله في سورة النساء: وكوفيهم تسّاءلون مخففا؛ فقيد قراءة الكوفيين بقيد وهو التخفيف، فتكون قراءة المسكوت عنهم بضد التخفيف وهو التشديد، فتراه في هذا البيت قد اكتفى بذكر قيد القراءة الأولى وهو التخفيف عن ذكر قيد القراءة الأخرى وهو التشديد؛ لأنه إذا كانت قراءة الكوفيين بالتخفيف؛ لزم أن تكون قراءة من لم يذكرهم بالتشديد فلا يلزم الناظم إذا أن يصرح بالقراءة الأخرى؛ لأن القراءة المذكورة
تدل عليها دلالة الضدّ على ضده، ومثل ذلك المدّ فضده القصر، فإذا ذكر أن قراءة فلان بالمدّ تكون قراءة غيره بالقصر وبالعكس، ومثل المد والقصر فيما ذكر الإثبات فضده الحذف وبالعكس، والفتح فضدّه الإمالة وبالعكس، والإدغام فضده الإظهار وبالعكس، والهمز فضده تركه وبالعكس، والنقل فضده إبقاء الحركة وبالعكس، والاختلاس فضده إتمام الحركة وبالعكس، والتذكير ضده التأنيث وبالعكس، والغيب ضده الخطاب وبالعكس- والخفة والمراد بها التخفيف- ضدها الشدة؛ أي التشديد أو التثقيل وبالعكس، والجمع ضده الإفراد أو التوحيد وبالعكس، والتنوين ضده تركه وبالعكس، والتحريك ضده الإسكان وبالعكس، ويتضح من هذا أن هذه الأضداد كلها مطردة منعكسة، ومعنى الاطراد: أنه إذا ذكر المد مثلا كان ضده القصر. ومعنى الانعكاس:
أنه إذا ذكر القصر كان ضده المد، وهكذا يقال في بقية الأضداد المذكورة ما عدا الجزم فإن ضده الرفع، ولكنه يطرد بمعنى أنه كلما ذكر الجزم كان ضده الرفع ولا ينعكس بمعنى أنه إذا ذكر الرفع لم يكن ضده الجزم، بل يكون ضده النصب، ومعنى قوله (فزاحم بالذكاء لتفضلا): فزاحم العلماء بثاقب فكرك وحصافة ذهنك لتعد مع الفضلاء.