وَوَقع بَين إِسْحَاق وَبَين ابْن البواب شرٌ فَقَالَ ابْن البواب شعرًا ردياً وَنسبه إِلَى إِسْحَاق ليعره بِهِ وَهُوَ من الْخَفِيف
(إِنَّمَا أَنْت يَا عنان سراجٌ ... زيته الظّرْف والفتيلة عقل)
(أَنْت ريحانةٌ وَرَاح وَلَكِن ... كل أُنْثَى سواك خلٌّ وبقل)
قَالَ حَمَّاد بن إِسْحَاق فَبلغ ذَلِك أبي فَقَالَ من الْكَامِل
(الشّعْر قد أعيا عَلَيْك فخله ... وَخذ الْعَصَا واقعد على الْأَبْوَاب)
الْعَطَّار عبد الله بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ المغربي الْمَعْرُوف بالعطار قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شاعرٌ حاذقٌ نقي اللَّفْظ جدا لطيف الإشارات مليح الْعبارَات صَحِيح الاستعارات على شعره ديباجةٌ ورونقٌ يمازجان النَّفس ويملكان الْحس وَفِيه مَعَ ذَلِك قوةٌ ظَاهِرَة قَالَ وَلم أر عطاردياً مثله لَا ترى عينه شَيْئا إِلَّا صَنعته يَده وَكَانَ الْأَمِير حُسَيْن بن ثِقَة الدولة قد أَرَادَهُ للكتابة بعد أَن اسْتَشَارَ الحذاق فدلوه عَلَيْهِ وَلَكِن حَال بَينهمَا رُجُوع حسن إِلَى مصر وَكَانَت لَهُ)
عِنْد عبد الله بن حسن بِمَدِينَة طرابلس حالٌ شريفة وجرايةٌ ووظيفةٌ إِلَى أَن نازعته نَفسه إِلَى الوطن وَمن شعره من الْكَامِل
(أعرضن لما أَن عرضن فَإِن يكن ... حذرا فَأَيْنَ تلفت الغزلان)
(عطرن جيب الرّيح ثمَّ بعثنها ... طرب الشجي ورائد الغيران)
(وكأنما أسكرنها فترنمت ... بحليهن ترنم النشوان)
(يَا بنت ملتحف العجاج كَأَنَّهُ ... قبسٌ يضيء سناه تَحت دُخان)
(إِذْ ينشر الطن الكماة كَأَنَّمَا ... يتراجم الفرسان بالفرسان)
وَمِنْه وَهُوَ غَرِيب من مجزوء الوافر
(شَكَوْت إِلَيْهِ جفوته ... وَمن خَافَ الصدود شكا)
(فَأجرى فِي العقيق الد ... مر واستبقاه فامتسكا)
(فَقلت مُخَاطبا نَفسِي ... أرق للوعتي فَبكى)
(فَقَالَت مَا بَكت عينا ... هـ لَكِن خَدّه ضحكا)
قلت ذكرت هَهُنَا لي بَيْتَيْنِ وهما من الوافر
(بَكَى المحبوب لي لما اجْتَمَعنَا ... وَكَانَ هَوَاء فرقته تنسم)