ومما يدلّ على اهتمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكتابة المصحف وقت نزوله: إفراده بهذه الرعاية، خوف التباسه بالحديث النبويّ، فنهى أصحابه أن يكتبوا ما عدا القرآن أوّل الأمر،

ففي صحيح مسلم: قال صلّى الله عليه وسلّم: «من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه، وحدّثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار» (?).

وقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والقرآن محفوظ في صدور أصحابه، ومكتوب منثورا بين الرّقاع ونحوها، وكان الجمع بين الطريقتين في عهد النبي المبارك الميمون مصداقا لقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9].

3 - ترتيب آيات القرآن الكريم:

ترتيب الآيات (?) في القرآن على الشكل الذي نراه اليوم في المصاحف توقيفي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا مجال للرأي والاجتهاد فيه، وقد نقل بعضهم الإجماع على ذلك، منهم الزركشيّ في (البرهان) (?). وأبو جعفر بن الزبير في كتابه (المناسبات) إذ يقول: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلّى الله عليه وسلّم وأمره من غير خلاف بين المسلمين (?).

وجزم السيوطي بذلك فقال: الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك. فكان جبريل ينزل بالآيات على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويرشده إلى موضعها من السورة، فيقرؤها النبيّ على أصحابه، ثم يأمر كتّاب الوحي بكتابتها في موضعها الذي حدّده له جبريل (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015