أجلّاء الصحابة (?)، تنزل الآية أو الآيات، فيأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بكتابتها ويرشدهم إلى موضعها من سورتها، وكان بعض الصحابة يكتبون ابتداء من أنفسهم، وكانت الوسائل المتوفرة بدائية وتحتاج إلى مشقة، ومع ذلك كتبوا على العسب واللّخاف والرّقاع وعظام الأضلاع والأكتاف.
فقد روي أنه لما نزل على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قوله تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ... وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ [النساء: 95] قال ابن أم مكتوم وعبد الله بن جحش: يا رسول الله! إنا أعميان، فهل لنا رخصة؟ فأنزل الله غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [النساء: 95]. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ائتوني بالكتف والدّواة» وأمر زيدا أن يكتبها فكتبها. فقال زيد: كأني أنظر إلى موضعها عند صدع الكتف. رواه البخاري (?)، واقتصر على عبد الله بن أمّ مكتوم، ولم يذكر عبد الله بن جحش.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب، فقال: «ضعوا هذا في السّورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا» (?).
وقال صلّى الله عليه وسلّم: «من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه» (?).
وعن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نؤلّف القرآن من الرّقاع.
وكان المكتوب يوضع في بيت رسول الله، ولم تكن هذه الكتابة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام مجتمعة في مصحف عام.