وهذا المبحث من مباحث علوم القرآن مهم جدا لعلاقته بالتفسير والفهم لآيات الكتاب العزيز وأحكامه، لأنه يعتمد على فهم قسم من القرآن نزل لأسباب معينة؛ إجابة لسؤال، أو بيانا لحكم يتعلق بحادثة من الحوادث التي وقعت في حياة النبي عليه الصلاة والسلام.
وتنقسم آيات القرآن إزاء هذا الموضوع إلى قسمين: قسم نزل ابتداء، أي بدون سبب من الأسباب، وموضوع هذا القسم غالبا: الحديث عن الأمم الغابرة وما حلّ بها، أو عن وصف الجنة والنار. وقسم نزل عقب حادثة أو سؤال، ومعظم موضوعات هذا القسم: التشريع والأحكام والأخلاق.
علمنا مما سبق أن معظم الآيات المرتبطة بأسباب النزول إنما كان في التشريع والأحكام والأخلاق، والهدف منها التدرج في تحويل حياة الناس إلى الأفضل وهدايتهم
إلى الأقوم، وإبعادهم عن كل ما هو سيئ وقبيح في حياتهم الجاهلية، ولذلك فإن آيات الأحكام والأخلاق لم تنزل ابتداء في فراغ، ولم تكن بعيدة عن أسبابها وظروفها العملية، حتى لا تكون نظرية وسطحية، ولا ريب أن القرآن سلك طريقا تربويا مؤثّرا حين قدّم للناس أحكامه وتوجيهاته الأخلاقية متصلة بالوقائع والأحداث، أو جوابا للأسئلة وحلا للإشكالات، حتى تمتزج الأحكام مع الوقائع