عنه، أنه كان يأخذ المصحف كلّ غداة ويقبّله ويقول: عهد ربّي ومنشور ربّي عزّ وجلّ. وكان عثمان رضي الله عنه يقبّل المصحف ويمسحه على وجهه.
وهذا يدل على أنّ التقبيل للمصحف مع العمل بآياته وأحكامه مستحسن، اقتداء بعمر وعثمان رضي الله عنهما؛ لما
رواه أبو داود من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» (?).
وأما التقبيل للمصحف مع ترك العمل به، فهو مخالفة ظاهرة لسنّة الخلفاء الراشدين، واحترام سطحيّ وظاهريّ لا يقام له وزن ولا قيمة.
إذا علّق المؤمن أو المؤمنة المصحف الشريف أو آيات من القرآن تعظيما له أو بنية الحفظ أو الاستشفاء به فهو جائز. وأما إذا علّقه بنية الزينة، أو لعادة جرت (موضة) أو
غير ذلك مما يوهم الاستعمال، أو يكون لغير التعظيم فلا يخلو من كراهة أو حرمة، وهذا كلّه مع ملاحظة أن يكون القرآن مخطوطا بشكل ظاهر ويقرأ بأدنى تأمل، أما ما اعتاده الناس في أيامنا هذه من حمل مصحف صغير الحجم جدا، فقد نصّ الفقهاء على كراهة ذلك، ففي الدر المختار: «ويكره تصغير مصحف وكتابته بقلم دقيق». وكذا ما يفعله بعض النساء أو بعض طالبات المدارس خاصة من وضع مصحف صغير في علبة مذهبة وتعليقه على نحورهن، مظهرات صدورهن في الأسواق أمام الرجال، فهذا حرام قطعا، لإضافتهن على ما تقدم تكشيف العورات، ولا يقبل منهن هذا الاحترام الزائف للقرآن، ولا عذر لهن في أنهن يفعلن ذلك ليتميزن عن غيرهن من غير المسلمات؛ لأن المرأة المسلمة والفتاة المؤمنة يميزها سترها ودينها وخلقها.