د- ثم يأتي تقرير الأحكام التي من شأنها صيانة الكليات الخمس الضرورية للحياة الإنسانية: الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وعلى أساس هذه الصيانة رتبت العقوبات المنصوصة التي تعرف في الفقه الإسلامي بالجنايات والحدود.

هـ- ثم يقرر القرآن العلاقات الدولية في حالتي الحرب والسلم بين المسلمين وجيرانهم أو معاهديهم، وهي أرفع معاملة عرفت في تاريخ الحضارة الإنسانية، قال تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها [الأنفال: 61]. لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة: 8].

وخلاصة القول: أن القرآن دستور تشريعي كامل، يقيم الحياة الإنسانية على أفضل صورة وأرقى مثال، وسيظل تشريعه وجها من وجوه إعجازه ما بقي الدهر، ولا يستطيع أحد أن ينكر أنه أحدث في العالم أثرا غيّر وجه التاريخ.

ثالثا- الإعجاز العلمي:

قبل الكلام عن الإعجاز العلمي في القرآن لا بد لنا أن نشير إلى أن القرآن الكريم كتاب عقيدة وهداية، أنزله الله عزّ وجلّ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، ولم يكن الهدف من إنزاله إيضاح حقائق علمية وقوانين كونية، ويخطئ الكثير من الناس حين يحرصون على أن يتضمن القرآن الكريم كل نظرية علمية، فتجدهم كلما ظهرت نظرية جديدة التمسوا فيها محملا في آية يتناولونها بما يوافق هذه النظرية، ويغيب عن ذهنهم أن النظريات العلمية عرضة للتبديل والتغيير، وأنهم يسيئون إلى القرآن من حيث يظنون أنهم يحسنون صنعا عند ما يعبثون بالقرآن وتفسيره كلما تطور البحث العلمي وتنوعت أساليبه وأشكاله.

ومنشأ هذا الخطأ: أن الحقائق القرآنية حقائق نهائية قاطعة مطلقة، أما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015