وَوطَّنْتَ (?) النفسَ عليه، سَلِمْتَ من سَوْرَةِ الغضبِ.

واعلم أن في الغضب ظَفَرَ الخصمِ إذا كان سفِيهاً، والغالبُ بالسَّفَه (?) هو الأسفهُ، كما أَن الغالبَ بالعلم هو الأعلمُ، ولو لم يَكُنْ من شُؤْم الغضب إلا أنه عزلَ به عن القضاءِ، فقال الشارعُ عليه السلام: "لا يقضيَ القاضي حين يقضي وهو غضبانُ" (?)، [لكفى] (?).

وكما أن القاضيَ يحتاجُ إلى صَحْوٍ من سُكْرِ الغضب، يَحتاجُ المناظرُ إلى ذلك؛ لأنهما سواء في الاحتياج إلى الاجتهاد، وأداةُ الاجتهادِ العقلُ، ولا رايَ لغضبانَ، فيعودُ الوَبالُ عليه عند الغضبِ بارتجاجِ طُرُقِ النظَرِ في وَجْهِهِ، وضلالِ رَأيِه عن قَصدهِ.

فمن أوْلى الأشياءِ: التحفُّظُ من الغضب في النَّظَر والجدلِ؛ لِمَا فيه من العَيْب، ولأنه يَقطَعُ عن استيفاءِ اَلحُجَّةِ، والبيانِ عن حَلِّ الشبهةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015