وهذا كثيرٌ مما يَتِمُّ بين المخِلِّين بآداب الجدلِ؛ لحرصهم على بيان معرفتِهم بما سُئِلُوا عنه، وما يَنبغي بيانُ المعرفةِ بجواب المسألةِ الثانيةِ بترك قانونِ الجدلِ في المسألة الأولى الذي هما فيه.
وذلك إذا خرجِ المسؤولُ من دليلٍ إلى دليلٍ آخَرَ قبل التَّمام للأول، كان انتقالَا منه، وإن- خرجَ بعد التَّمامِ، فليس بانتقالٍ في حكم الجدلِ.
واعلم أنه إذا دخلَ السائلُ دخولَ ملزِم بعد تَحقُقِ الخلافِ بينه وبين المسؤولِ فلا يجوزُ له أن يَخْرُجَ عن سنَنِ الإِلزام إلى أن ينتهيَ إلى تحقيق أنه لازمٌ، فكلما حاول، الخصمُ أن يهربَ منه، ردَّه إليه.
فصل
في تقاسيم الانتقالِ
والانتقالُ على أربعة أقسام:
انتقالٌ من مذهب إلى مذهبٍ، وانتقالٌ من عِلةٍ إلى عِلَّةٍ، وانتقالٌ من إلزامٍ إلى إلزامٍ، وانتقالٌ كل من تسليمٍ إلى ممانَعةٍ ومنازَعةٍ.
والأصولُ التي يَبْني عليها المجيبُ لا تخلو من أحد أمرين: إمَّا أن يكونَ أصلَاً مشهوراً؛ فإق المجيبَ لا يتكلمُ في فرعه إلا بعد التسليمِ له، أو لا يكون كذلك، فإن كان كذلك، فنازعَ السائلَ فيه كانت منازعتُه انتقالًا؛ لأنه نازعَ فيما يجبُ تسليمُه، فكأنه قد سلَّمه، ثم نازعَ فيه، وإن لم يكن الأصلُ كذلك كان للسائل أن ينازعَ فيه.
فإن قال السائلُ: ما الدليلُ على صِحةِ الاجتهادِ؟ فقال المجيبُ: