والدَلالةُ لمن ذهبَ إلى وجوب ذلك: أن العلماءَ للعامَّةِ في باب الرًّجوعِ إليهم كالأدلَّة بالِإضافةِ إلىَ العلماء، ثم المجتهد يجبُ عليه أن يُرجِّحَ الدَلالَةَ، ويذهبَ إلى الحكمِ الذي رجحَتْ دَلالَتُه، كذلك ها هنا يجبُ على العاميِّ أن يُرَجِّحَ من يرجعُ إلى قولِه، وكذلك ترجيحُ الخبرِ على الخبر للعمل بالأرجح بوجوه التَراجيح واجبٌ ليعملَ بأرجحِها.
ووجهُ مَنْ [لا يرى] (?) الوجوبَ: أن الذي يَحْصُلُ به رُكْنُ الاستفتاءِ، ويتحقَقُ به المقصودُ، إنَما هو الاجتهادُ الكاملُ وقد وُجدَ، والعدالةُ للثِّقة وقد وُجدَتْ (?) فأمَّا الأفضلُ والأعلمُ والأورعُ فيُعَطى منزلتَه، وهو الأوْلى والاستحبابُ، فأمَّا الإِيجابُ فلا، بدليل الشَّهادةِ، فإنَه لا تُقَدمُ فيها دعوى من شَهِدَتْ له البينةُ الفاصلةُ، بالوَرَع وشدَّةِ التَّحرِّي.
وبدليل أن السلفَ الصالحَ لم يتركوا المفضولَ، ولا منعوا من استفتائِه؛ لوجود الأفضلِ، ولأن الفُتْيا والحكمَ مبنية على السهولةِ؛ ولذلك شهدَ للمخطىءِ بالأجر، وجعلَ للمصيب أَجْرَيْنِ (?).