تقليدُ مساويهِ وعلمِهِ (?).
واحتجَّ بعض المخالفينَ في هذا الفصلِ؛ بأنْ قالَ: المقصودُ ثقةُ النفسِ إلى المعتقد وسكونُها، وإذا وجدَ ذلكَ، سقطتِ الطرّقُ؛ لأنَّ الطرقَ لا ترادُ لأنفسِها، إنَّما ترادُ لدَرْكِ الغايةِ، والغايةُ في المقصود، فسواءٌ حصلَ بالسكون والثقةِ بقولِ شخصٍ، أو بنظرٍ يحصلُ من النفس أو بإلقاءٍ يُلقيه البارئ في القلوبِ، فتزول معه الشبه في نفوسِهم والريب، وهذا التقليدُ أمر يحصلُ به سكونُ نفوسِ العوام، حتى أنَّ ما وَقَرَ في نفوسِهم لا يزولُ، وكثير منهم تُوفِّيَ على ثقةِ العلماءِ بما علموه بالأدلَّة القاطعة، فإنَّ العلماءَ تَعترضُهم الشبه فيما اعتقدوه، فالواحدُ منهم يذهبُ إلى مذهب يطمئن إليه، ثم يعرض له مذهبٌ آخرُ، والعاميُّ الناشئ في بيعةٍ عتيقة، أو كنيسةٍ، لاتستنزلُهُ عنْ دينهِ كلُّ حجَّةٍ، وإنْ ظهرتْ للعقولِ ظهورَ المحسوسات للحواسِّ، وكذلك مَنْ نشأ ببلاد الرَّفضِ لاتستنزله أدةُ السنةِ عَن اعتقادِ الرفضِ، ومن نشأ في بلادِ الخوارج لا تَسْتَنزلُهُ أدلَّةُ الحجج عنِ المناصبةِ لعليٍّ وأهلِ البيتِ، كلُّ ذلكَ للثِّقةِ. بمنْ قلَّدُوهُ.
والجوابُ: أنَّ الثقةَ لابطريقٍ، تبخيتٌ (?)، والتبخيتُ لا يرضى به العقلُ طريقاً، وإنْ حصلَ مِنْ طائفة الثقةُ به، فقدْ حصلَ مثل (?) ذلك منَ النِّساءِ بضربهنَّ بالحصى، ومنَ الأكرادِ في إِشعار الكفِّ، ومِنْ قومٍ بزجرِ السعيرِ، ومِنْ قومٍ بزجرِ الطائرِ، وأنسوا بالفألِ، وعوَّلُوا على الحذرِ بالطِّيَرةِ، وأنسَ