على الأعمالِ، ومثل ذلكَ لوْ لم يثبتْ بدليلِ الإعجازِ، بلْ كانَ قولاً بغير حجةٍ، لأفزعَ العاقلَ إلى النظرِ لنفسِهِ، والتحرُّزِ (?) والاحتياطِ لعاقبتِهِ، كما قالَ سبحانَهُ: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [غافر: 28] وقال في حقِّ نبيِّنا صلواتُ اللهِ عليه: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ} [الأنعام: 57]، وإذا كانَ في العقلِ باعثٌ يبعثُ على التحرزِ، فليسَ دعاءُ الأنبياء بما جاؤوا بِهِ بأقلَّ مِنْ قائلٍ على طريقٍ: يا قوم، تزوَّدُوا لهذا الطريقِ، وتحَرَّزُوا (1 فإنه مَهْلكة، فيأخذ القوم في التحرُّزِ و 2) الاحتياط لقولِ ذلكَ القائلِ مِن غيرِ حجَّةٍ، فهلْ يجوزُ أنْ يُشْغِلَ عنْ هذا النوع مِنَ النظرِ للنفوسِ والاحتياطِ معاشٌ؟ أو يجعلُ العاقلُ دَأبَه العملَ بالفكرِ والبحثِ والنظرِ لعاقبتِهِ، ويجعلُ لذلكَ نصيباً منْ أوقاتِهِ، وإخلاء بعض زمانِه، فأمَّا اطِّراحُ ذلكَ، وتقليدُ الرِّجالِ فيهِ، [فلا]، ولو (?) كانَ ذلكَ كذلكَ، لكانَ أحقَّ مَنْ قُلِّدَ الأنبياءُ صلواتُ اللهِ عليهم، ومعلوم أَنَّ الله سبحانَهُ لم يقنعْ للخلقِ بمجردِ دعايتهم، وحسنِ طريقتِهم بما يغلبُ على الظّنونِ صدقهم، حتى أيَّد ذلكَ بالمعجزاتِ القطعيةِ، والبراهينِ الخارقةِ، فليسَ هذا مِنَ النَّظرِ في الفقهِ وأدلتِه في شيء؛ فإنَّ طرقَ ذلكَ كثيرة مختلفةٌ، ثُمَّ بعدَ تحصيلِ الطرقِ يحتاجُ إلى النظرِ، وً طريقُ هذه الأصولِ إنما هي العقولُ، وقد تساوى فيها المكلَّفونَ، ولايحتاجُ معها إلى سواها، فلا وجهَ لتقليد مساوٍ فيها، كما لايجوز للعالمِ بالفروع والأصولِ