وبعضُهم أجاز النسخ في (?) العباداتِ، ومنعه في (1) الأخبار، وبعضُهم أجازَ النسخَ فيهما، أعني: العبادات والأخبار.
فينبغي أن يقع الكلام في فصلين: أحدهما: أن النسخ ليس ببداء، وأنه ليس من ضرورة قولنا بالنسخ؛ أن نكون قائلين بالبداء، و (?) أن القائل لذلك مُقَصِّرٌ فى النَّظَر (?)، جاهلٌ بالله سبحانه، وبما يَجوزُ عليه وما لا يَجوزُ.
فصل
فالدلالة على منع القول بالبدَاءِ مع جواز النسخ: هو أن البداء في الحقيقة: هو ما علمه الحيُّ بعد أن لم يكن علمه، من قولهم: بدا لي سور المدينة، قال الله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47)} [الزمر: 47]، {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: 28].
والدلالةُ قد قامَت على كونِ البارىء سبحانه عالمَ الغيبِ والشهادةِ بنصوصِ الكتابِ وأدلة العقول، فقال جلَّ من قائل: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59] وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22]، وقال سبحانه: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28]، {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} [التوبة: 47]