الخرقي: يصحُ استثناءُ النصفِ (?). فنحن قائلون بالآية. وعلى دولِ غيرِه من أصحابنا: لا يصحُ (?)، فعلى هذا: يجوزُ أن يكونَ أرادَ به الابتداءَ، فيكون ظرفاً، معناه: قُم نصفَ الليل، أو قمْ بعدَ نصفِه قليلاً. فيكون ما صرَحَ به من القليلِ هو المُعوَّلُ (?) عليه، والنصفُ لابتداء القيامِ القليل.
يوضِّح هذا: أنَّ النصفَ بالإضافةِ إلى النصفِ، مثلُه لا قليل منهُ، فعلمَ أنهُ ليس بالاستثناءِ، لكن أرادَ بالقيام (?): قم نصفَه.
ولهذا لما أرادَ سبحانه المغايرةَ قال: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} [الواقعة: 13، 14]. فقيلَ في التفسير الثلّة (?) الأكثر (?)، وإنما ذكر الثلّة في الأولين والقليل في الآخرين، ثم عادَ فقال: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)}
[الواقعة: 39، 40] قالوا: انّما أرادَ في الأولِ بالثلةِ: الأخيارَ والأشرارَ، وقليلٌ من الآخرينَ المرادُ بهم: الأخيارُ، وقولُه في الآية الأخرى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} يعني: خيار الأوَّلين كلُّهم ثلة، وثلة من الآخرين، خيار الآخرين خاصة، فيكونُ خيارُ أُمةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ثُلة وكثرةً، مثلُ كثرةِ خيار سائر الأمم، وخيارُ أمةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - بالإضافة إلى خيارِ سائرِ الأمم وشرارِهم لا ثلة. فلما صرح في هذه الآيةِ بقولِه: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} كان المعول (3) على استثناء الأقلِّ، فلما قال: {إلا قليلاً}، والقليلُ على ما بَينّا صريح في الأقل من النَصف إذا كان النصفُ مثلاً للنصفِ، لم يبقَ [إلا] (?) أن يكون قوله: {نِصْفَهُ} ذكراً لابتداءِ قيامِه، أو يكونَ قولُه: {نِصْفَهُ} كلاماً مبتدأ، لا استثناء، كأنه