مدرجاً في الإثبات.

وعلى أنَ اللغة عندكم لا تثبتُ قياساً، وهذا قياس منكم لدليل النطقِ في الأمرِ والنهي على دليلِ النطق في بابِ الإخبار.

ورأيتُ من استبعدَ ممانعةَ الخبرِ في بعضِ مجالسِ النَظر، فقلت له: كثير من الأمورِ في النفوسِ يَتَغطى بفورةِ النَظرِ والعَصبية (?) لا يُظهِرُه إلا جِنْسُه، وأنا أعلمُ الآن أنَّ قائلاً لو قال: أصحابُ الشافعي فقهاءُ، أو: فلان إمامٌ فى الفقهِ. وفي الحاضرين أصحابُ أبي حنيفة وغيرُهم، وغير المشارِ إليه بالإمامة في الفقه، عَظمُ ذلك عليهم وعندهم، كأنه قال: وليس غيرهمُ كَهُم في الفقه. ما ذاكَ إلا لأنَّ النفوس قد شعرت بأنَ الأسماءَ والإشاراتِ والصفاتِ في الأخبارِ والأحكامِ إذا نيط بها مَدحٌ أو تعظيمٌ أوخبرٌ يتضمن فَضيلةً كان مقتضياً للمخالفة.

ومنها: أن قالوا: إنَ الأسماءَ والصفاتِ إنما وضعت لتمييز المسمَّيات، والخبرُ بأنَّ زيداً قامَ أو أن زيداً عالمٌ، وضعَ للإعلامِ بقيامهِ وقضلِه، فأمَّا أن يكونَ وُضع لنفي الفَضلِ والقيام عن غيرِه فلا، ومُنكِرُ هذا مكابرٌ للغة وأهلِها.

فيقالُ: المنعُ لهذا أمر ظاهرٌ لا يمكنُ جحدُه، وذلكَ أنَ الصحابة- رضي الله عنهم- والفقهاءَ بعدَهم عَقَلوا ذلك فيمن خاصمَ رجلاً فقال: ما أنا بزانٍ، ولا أمي -بحمْدِ الله- زانيةٌ. فقومٌ قالوا: رجلٌ مدحَ نفسَه وأمَّه، ومنهم من قال: هو قاذفٌ لمخاصمهِ (?). وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015