إن الكلامَ مِنَ الفُؤادِ وإنَّما ... جُعِلَ اللِّسانُ على الفُؤادِ دَليلا (?)
والعربُ تقولُ: في نفسي كلامٌ.
فصلْ
في جمعِ الأجوبةِ عَمَّا ذكروه
أمَّا الآيةُ الأولى، فإن فيها ما يقابلُها، وهو قولُه: {لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [المجادلة: 8]، يعني بما ننطقُ به، فليس بأنْ يكونَ أَحدُهما الأصلَ، بأولى مِن أنْ يكونَ الآخرُ، هذا أدنى أحوالِ الجوابِ فيقفُ استدلالُهم منها، وأعلاهُ أن تكونَ الحقيقةُ هو الثاني، لأنَّه الذي ينصرفُ الإطلاقُ إليه، فإنهُ إذا قالَ القائلُ: قلتُ، وقالَ زيد، وقلتُ قولاً، وقيلَ لي. لا يعقلُ منه إلا النَّطقُ، وإذا عزى إلى النفسِ كان اتساعاً، لتشبيهِ ما يهجسُ في النفسِ، لأن الهاجِسَ في النفسِ كالناطِقِ، والذي يُوَضحُ صحةَ ما تعلقنا به من التأويل، قولُه تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران: 167] {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] فأثبتَ أنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، وعند هذا القائل أنَّه لا ينطقُ اللسانُ إلا بعبارةٍ عما في النفسِ.
وأمَّا الآيةُ الأخرى، فإن التكذيبَ عادَ إلى قولِهم الذي أخْبروا به