دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى» وروى أبو داود والنسائي من حديث أنس «أنه كان مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً ورجل يصلي ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، ولا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم.
فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى» فأخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه هذا الثناء والذكر، وأنه اسم الله الأعظم فكان ذكر الله عز وجل والثناء عليه أنجح ما طلب به العبد حوائجه.
وهذه فائدة أخرى من فوائد الذكر والثناء، أنه يجعل الدعاء مستجاباً.
فالدعاء الذي تقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد، فإن انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان أبلغ في الإجابة وأفضل، فإنه يكون قد توسل المدعو بصفات كماله وإحسانه وفضله، وعرض بل صرح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته، فهذا المقتضى منه، وأوصاف المسئول مقتضى من الله، فاجتمع المقتضي من السائل والمقتضى من المسؤول في الدعاء، وكان أبلغ وألطف موقعاً وأتم معرفة وعبودية.
وأنت ترى في المشاهد ـ ولله المثل الأعلى ـ أن الرجل إذا توسل إلى ما يريد معروفة بكرمه وجوده وبره وذكر حاجته هو وفقره ومسكنته كان أعطف لقلب المسؤول وأقرب لقضاء حاجته.
فإذا قال له: أنت جودك قد سارت به الركبان، وفضلك كالشمس لا تنكر ونحو ذلك، وقد بلغت بي الحاجة والضرورة مبلغاً لا صبر معه ونحو ذلك، كان أبلغ في قضاء حاجته من أن يقول ابتداء أعطني كذا وكذا.
فإذا عرفت هذا فتأمل قول موسى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دعائه {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} وقول ذي النون في دعائه {لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين} وقول أبينا آدم {ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} وفي الصحيحين أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي، فقال: «قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، وإنه لا يغفر