الشراب والطعام، فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته، فتصيره بمنزلة من لم يصم.
وقد اختلف في وجود هذه الرائحة من الصائم هل هي في الدنيا أو في الآخرة على قولين.
ووقع بين الشيخين الفاضلين أبي محمد [عز الدين] بن عبد السلام وأبي عمرو ابن الصلاح في ذلك تنازع، فمال أبو محمد إلى أن تلك في الآخرة خاصة وصنف فيه مصنفاً رد فيه على أبي محمد، وسلك أبو عمرو في ذلك مسلك أبي حاتم بن حبان فإنه في صحيحه بوب عليه كذلك فقال «ذكر البيان بأن خلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك» ثم ساق حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، والصيام لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح» ثم قال «ذكر البيان بأن خلوف فم الصائم يكون أطيب عند الله من ريح المسك يوم القيامة» ثم ساق حديثاً من حديث ابن جريج عن عطاء عن أبي صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم «قال الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به.
والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك.
للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي الله تعالى فرح بصومه» .
قال أبو حاتم: شعار المؤمنين يوم القيامة التحجيل بوضوئهم في الدنيا فرقاً بينهم وبين سائر الأمم.
وشعارهم في القيامة بصومهم طيب خلوف أفواههم أطيب من ريح المسك، ليعرفوا من بين ذلك الجمع بذلك العمل.
جعلنا الله تعالى منهم، ثم قال ذكر البيان بأن خلوف فم الصائم قد يكون أيضاً من ريح المسك في الدنيا ثم ساق من حديث شعبة عن سليمان ذكوان عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كل حسنة يعملها أبن آدم بعشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، يقول الله عز وجل: إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به، يدع الطعام من أجلي والشراب من أجلي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه عز وجل، ولخلوف فم الصائم حين يخلف من الطعام أطيب عند الله