أَن يحصل لَهُ مَا حصل للفاضل وبهذه الطَّرِيقَة ينْتَفع أَكثر الْأَحْدَاث. وَأما ذُو الطَّبْع الردىء فَإِنَّهُ يغتم بِمَا حصل لغيره من الْأَدَب وَالْفضل وَلَا يسْعَى فِي تَحْصِيل مثله لنَفسِهِ وَلكنه يجْتَهد فِي إِزَالَته عَن غَيره أَو مَنعه مِنْهُ أَو يججده إِيَّاه أَو يعِيبهُ بِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ حَاسِد شرير {} ! فَأَما قَوْلك إِن هَذَا الْعَارِض لَا فكاك لصَاحبه مِنْهُ لِأَنَّهُ دَاخل عَلَيْهِ إِلَى آخر الْفَصْل فَإِنِّي أَقُول: إِن الانفعالات - أَعنِي مَا لَا يكن نَحْو الاستكمال - كلهَا مذمومة لِأَنَّهَا من قبيل الهيولى وَلذَلِك لَو أمكن الْإِنْسَان أَلا ينفعل بتة لَكَانَ أفضل لَهُ وَلَكِن لما لم يكن إِلَى ذَلِك سَبِيل وَجب عَلَيْهِ أَن يزِيل كل مَا أمكن إِزَالَته من الانفعالات ليتم ويكمل وَذَلِكَ بالأخلاق والآداب المرضية وَيحصل لَهُ ذَلِك بسياسة الْوَالِدين أَولا ثمَّ بسياسة السُّلْطَان ثمَّ بسياسة الناموس والآداب الْمَوْضُوعَة لذَلِك فَإِن الْإِنْسَان يَسْتَفِيد بِهَذِهِ الْأَشْيَاء صوراً وأحوالاً ثمَّ تصير قنية وملكة وَهِي الْمُسَمَّاة فَضَائِل وآداباً.
(مَسْأَلَة طبيعية خلقية مَا سَبَب الْجزع من الْمَوْت وَمَا الاسترسال إِلَى الْمَوْت)
وَإِن كَانَ الْمَعْنى الأول أَكثر فَإِن الثَّانِي أبين وَأظْهر. وَأي الْمَعْنيين أجل: الْجزع مِنْهُ أم الاسترسال إِلَيْهِ فَإِن الْكَلَام فِي هَذِه الْفُصُول كثير الرّيع جم الْفَوَائِد.