وَمِنْهَا مَا تُوجد متفقة، وَهِي الَّتِي تتفق فِيهَا أَلْفَاظ وَاحِدَة بِعَينهَا ومعانيها مُخْتَلفَة. وَمِنْهَا مَا تُوجد مترادفة وَهِي الَّتِي تخْتَلف ألفاظها ومعانيها وَاحِدَة. وَهَذَانِ القسمان حَدثا بِالضَّرُورَةِ كَمَا بَينا. وَرُبمَا وجدت أَلْفَاظ مُخْتَلفَة دَالَّة على معَان مُتَقَارِبَة وَإِن كَانَت أشخاص تِلْكَ الْمعَانِي مُخْتَلفَة وَرُبمَا دلّت على أَحْوَال مُخْتَلفَة وَلكنهَا مَعَ اختلافها هِيَ لشخص وَاحِد فلأجل ذَلِك يستعملها الْخَطِيب والشاعر مَكَان المترادفة لموْضِع الْمُنَاسبَة وَالشَّرِكَة الْقَرِيبَة بَينهَا وَإِن كَانَت متباينة بِالْحَقِيقَةِ وَمِثَال ذَلِك مَا يُوجد من أَسمَاء الداهية فَإِنَّهَا على كثرتها نعوت مُخْتَلفَة وَلكنهَا لما كَانَت لشَيْء وَاحِد اسْتعْملت كَأَنَّهَا معنى وَاحِد. وَكَذَلِكَ أَسمَاء الْخمر وَالسيف وأشباهها. وَأَنت إِذا أَنْعَمت النّظر واستقصيت الروية وجدت هَذِه الْأَشْيَاء مُخْتَلفَة الْمعَانِي وَلكنهَا لما كَانَت أوصافاً لموصوف وَاحِد أجريت مجْرى الْأَسْمَاء الدَّالَّة على معنى وَاحِد وَذَلِكَ عِنْد اتساع النَّاس فِي الْكَلَام وَعند حَاجتهم إِلَى التسمح وَترك التَّكَلُّف والتجوز فِي كثير من الْحَقَائِق. وَلَوْلَا علمي بثقافة فطنتك وإحاطة معرفتك وَسُرْعَة تطلعك بفهمك على مَا أَوْمَأت إِلَيْهِ لتكلفت لَك الْفرق بَين مَعَاني أَلْفَاظ الْخمر وَالشرَاب والشمول والراح والقهوة وَسَائِر أسمائها. وَبَين مَعَاني أَلْفَاظ السَّيْف، والصمصام، والحسام وَبَاقِي ألقابه ونعوته. وَكَذَلِكَ فِي أَسمَاء الدَّوَاهِي ونعوتها. وَلَكِنِّي رَأَيْت تجشم ذَلِك فضلا وإطالة وتكثيراً عَلَيْك بِمَا لَا فَائِدَة لَك فِيهِ.