كَثِيرَة كلفظة " الْعين " الدَّالَّة على الْعين الَّتِي يبصر بهَا وعَلى عين المَاء وَعين الرّكْبَة وَعين الْمِيزَان والمطر الَّذِي لَا يقْلع أَيَّامًا وأشباهه من الْأَسْمَاء كَثِيرَة جدا وَلم يَقع هَذَا الْفِعْل الْمُؤَدِّي إِلَى الإلباس والإشكال وَإِلَى الْغَلَط وَالْخَطَأ فِي الْأَعْمَال والإعتقادات بِاخْتِيَار بل باضطرار طبيعي كَمَا بَينا وأوضحنا. وَعرض بعد ذَلِك أَن أَصْحَاب صناعَة البلاغة وصناعة الشّعْر والسجع وَأَصْحَاب البلاغة والخطابة هم الَّذين يَحْتَاجُونَ إِلَى الإقناعات العامية فِي مَوَاقِف الْإِصْلَاح بَين العشائر مرّة والحض على الحروب مرّة والكف عَنْهَا مرّة وَفِي المقامات الْأُخَر الَّتِي يحْتَاج فِيهَا إِلَى الإطالة والإسهاب وترديد الْمَعْنى الْوَاحِد على مسامع الْحَاضِرين ليتَمَكَّن من النُّفُوس وينطبع فِي الأفهام - لم يستحسنوا إِعَادَة اللَّفْظَة الْوَاحِدَة مرَارًا كَثِيرَة وَلَا سِيمَا الشَّاعِر فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِك دَائِم الْحَاجة إِلَى لفظ يَضَعهُ مَكَان لفظ دَال على مَعْنَاهُ بِعَيْنِه ليصحح بِهِ وزن شعره ويعدل بِهِ أَقسَام كَلَامه. فاحتيج لأجل ذَلِك إِلَى أَسمَاء كَثِيرَة دَالَّة على معنى وَاحِد. وَهَذَا الْعَارِض الَّذِي عرض للألفاظ المترادفة كَأَنَّهُ مناصب للقصد الأول فِي وضع الْكَلَام مُخَالف لَهُ وَقد دعت الْحَاجة إِلَيْهِ كَمَا ترَاهُ وَلَوْلَا حَاجَة الخطباء وَالشعرَاء وَأَصْحَاب السجع والموازنة إِلَيْهِ لَكَانَ لَغوا بَاطِلا. وَلما كَانَت الْمَسْأَلَة مُتَعَلقَة بِهَذَيْنِ الْقسمَيْنِ من الْكَلَام اقتصرنا على شرحهما وعولنا - بِمن نشط للوقوف على الْأَقْسَام الْأُخَر - على الْكتب المصنفة فِيهَا لأهل الْمنطق لِأَنَّهَا مستقصاة هُنَاكَ. وَإِذ قد فَرغْنَا من التوطئة الَّتِي رمناها أَمَام الْمَسْأَلَة فَإنَّا نَأْخُذ فِي الْجَواب عَنْهَا فَنَقُول: إِن من الْأَلْفَاظ مَا تُوجد متباينة وَهِي الَّتِي تخْتَلف باخْتلَاف الْمَعْنى وإليها كَانَ الْقَصْد الأول بِوَضْع اللُّغَة.