مساله

(مَسْأَلَة)

سُئِلَ بَعضهم إِذا فَارَقت النَّفس الْجَسَد هَل تذكر من علومها شَيْئا أم لَا فَأجَاب بِأَنَّهَا تذكر الْمَعْقُول كُله وَلَا تذكر المحسوس فَزَاد السَّائِل بِمَا يعرض للعليل من النسْيَان أَي كَيفَ تذكر النَّفس معقولها إِذا فَارَقت الْبدن وَهِي لَا تذكر شَيْئا مِنْهُ إِذا اعتل الْبدن أَو بعض أَعْضَاء الْبدن فَأجَاب بِمَا سيمر بك. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: إِنَّمَا يظْهر أثر النَّفس فِي الْبدن بِحَسب حَاجَة الْبدن والتذكر إِنَّمَا هُوَ إِحْضَار صور المحسوسات من قُوَّة الذّكر إِلَى قُوَّة الخيال. وَهَاتَانِ القوتان جَمِيعًا إِنَّمَا تحصلان صور المحسوسات من الْحَواس أَولا فِي حواملها من الْأَجْسَام الطبيعية ثمَّ تحصلانها بسيطاً فِي غير حَامِل جسمي بل فِي قُوَّة النَّفس الْمُسَمَّاة ذكرا. وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذِه الْقُوَّة لأغراض الْبدن وَحَاجته إِلَى الشَّيْء بعد الشَّيْء. فَإِذا اسْتَحَالَ الْبدن وزالت الْحَاجة إِلَى الْحَواس سَقَطت الْحَاجة إِلَى الذّكر أَيْضا وَصَارَت النَّفس مستغنية بذاتها وَمَا فِيهَا من صور الْعقل أَعنِي الَّتِي تمسى أَوَائِل لِأَن تِلْكَ هِيَ ذَات الْعقل غير محتاجة إِلَى مَادَّة وَلَا إِلَى جسم تُوجد بِوُجُودِهِ أَعنِي أَن الْأُمُور الْمَوْجُودَة فِي الْعقل هِيَ الْعقل وَهِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015