على المثامنة بالياقوت والجوهر أَو بِالنُّحَاسِ وَالْحَدِيد والرصاص دون الْفضة وَالذَّهَب وَمَا الَّذِي قصرهم عَلَيْهِمَا مَعَ إِمْكَان غَيرهمَا أَن يقوم مقَامهَا وَيجْرِي مجراهما. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: قد تبين أَن الْإِنْسَان لَا تتمّ لَهُ الْحَيَاة بالتفرد لِحَاجَتِهِ إِلَى المعاونات الْكَبِيرَة مِمَّن يعد لَهُ الأغذية الْمُوَافقَة والأدوية وَالْكِسْوَة والمنزل والكن وَغير ذَلِك من سَائِر الْأَسْبَاب الَّتِي بَعْضهَا ضَرُورِيَّة فِي الْمَعيشَة وَبَعضهَا نافعة فِي تَحْسِين الْعَيْش وتفضيله حَتَّى يكون لذيذاً أَو جميلاً أَو فَاضلا. وَلَيْسَ يجرى الْإِنْسَان مجْرى سَائِر الْحَيَوَانَات الَّتِي أزيحت علتها فِي ضرورات عيشها وَفِيمَا تقوم بِهِ حَيَاتهَا بالطبع. فالاهتداء إِلَى الْغذَاء والرياش وَغَيرهمَا من حاجات بدنه وَلذَلِك أمد بِالْعقلِ وأعين بِهِ ليستخدم بِهِ كل شَيْء ويتوصل بمكانه إِلَى كل أرب. وَلما كَانَ التعاون وَاجِبا بِالضَّرُورَةِ والاجتماع الْكثير طبيعياً فِي بَقَاء الْوَاحِد - وَجب لذَلِك أَن يتمدن النَّاس أَي يجتمعوا ويتوزعوا الْأَعْمَال والمهن ليتم من الْجَمِيع هَذَا الشَّيْء الْمَطْلُوب.