وَقبُول مَا يقبل من أَجزَاء عَالم الْكَوْن وَالْفساد وَتلك الْآثَار مَعَ اختلافها. فَأَما أَصْحَاب الفأل وزجر الطير وطرق الْحَصَى وَمَا أشبه ذَلِك فَإِنَّهَا ظنون والصدق فِيهَا يكون على طَرِيق الِاتِّفَاق والنادر وَلَيْسَ تستند إِلَى أصل وَلَا يقوم عَلَيْهَا دَلِيل لِأَنَّهَا لَيست طبيعية وَلَا نفسانية وَلَا إلهية وَإِنَّمَا هِيَ اختيارات بِحَسب الأوهام والظنون وَهِي تكذب كثيرا وَتصدق قَلِيلا كَمَا يعرض ذَلِك لمن أخبر أَن غَدا يجىء الْمَطَر أَو يركب الْأَمِير بِغَيْر دَلِيل وَلَا إقناع بل تكلم بذلك وَأرْسل الحكم بِهِ إرْسَالًا فَرُبمَا صَحَّ وَوَافَقَ أَن يطايق الْحَقِيقَة وَفِي الْأَكْثَر يبطل وَلَا يَصح. والأمم تشارك الْعَرَب فِي هَذِه الْأَشْيَاء إِلَّا أَن الْعَرَب تخْتَص من العرافة وَمن زجر الطير بِأَكْثَرَ مِمَّا فِي الْأُمَم الْأُخَر.
(مَسْأَلَة لم صَارَت أَبْوَاب الْبَحْث عَن كل شَيْء مَوْجُود أَرْبَعَة)
وَهِي: هَل وَالثَّانِي مَا وَالثَّالِث أَي وَالرَّابِع لم الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة هِيَ مبادىء جَمِيع الموجودات وعللها الأول. والشكوك إِنَّمَا تعرض فِي هَذِه فَإِذا أحيط بهَا لم يبْق وَجه لدُخُول شكّ. وَذَلِكَ أَن المبدأ الأول فِي وجود الشَّيْء هُوَ ثبات ذَاته أَعنِي هويته الَّتِي يبْحَث عَنْهَا بهل فَإِذا شكّ إِنْسَان فِي هوية الشَّيْء أَي فِي وجود ذَاته لم يبْحَث عَن شَيْء