الْحَواس. وَقد تكلمنا عَلَيْهَا فِي كتَابنَا الَّذِي سميناه الْفَوْز عِنْد ذكرنَا الْفرق بَين النَّبِي والمتنبي وَفِي الْقُوَّة الَّتِي يكون بهَا الْوَحْي وَكَيْفِيَّة ذَلِك فَخذه من هُنَاكَ. وَأما الْفرق بَين التنجيم وَمَا يجْرِي مجْرى الفأل فَظَاهر لِأَن التنجيم صناعَة تتعرف بهَا حركات الْأَشْخَاص الْعَالِيَة وتأثيرها فِي الْأَشْخَاص السفلية. وَهِي صناعَة طبيعية وَإِن كَانَ قد حمل أَكثر من طاقتها أَعنِي أَن المنجم رُبمَا تضمن الْعلم من جزيئات الْأُمُور ودقائقها مَا لَا يُوصل إِلَيْهِ بِهَذِهِ الصِّنَاعَة فيخبر بالكائنات على طَريقَة تَأْثِير الشَّيْء فِي مثله وَذَلِكَ ان الشَّمْس إِذا تحركت فِي دورة وَاحِدَة من أدوارها أثرت فِيهَا ضروباً من التَّأْثِير فِي هَذَا الْعَالم وَكَذَلِكَ كل كَوْكَب من الْكَوَاكِب لَهُ أثر بحركته ودورته وشعاعه الَّذِي يصل إِلَى عالمنا هَذَا. فالمنجم إِنَّمَا يَقُول مثلا: إِن السّنة الْآتِيَة تَجْتَمِع فِيهَا دَلَائِل الشَّمْس وزحل فتؤثر فِي عالمنا هَذَا أثرا مركبا من طبيعتي هَاتين الحركتين فَتكون حَال الْهَوَاء كَيْت وَكَيْت. وَكَذَلِكَ حَال الاستقصات الْأَرْبَع. وَلما كَانَ الْحَيَوَان والنبات مركبين من هَذِه الطبائع وَجب أَن يكون كل مَا أثر فِي بسائطها يُؤثر أَيْضا فِي المركبات مِنْهَا. والمنجم يخبر بِحَسب مَا يحْسب من حركاتها وشعاعاتها الْوَاصِل إِلَيْنَا آثارها حكما طبيعياً وَإِن كَانَ يغلط أَحْيَانًا بِحَسب دقة نظره وَكَثُرت الحركات والمناسبات الَّتِي تَجْتَمِع من جملَة الأفلاك وَالْكَوَاكِب