وَلغيره إِذا كَانَ فِي مثل مرتبته من الْمعرفَة أَن يجْتَهد وَيعْمل بِمَا يُؤَدِّيه إِلَيْهِ اجْتِهَاده وَإِن كَانَ مُخَالفا للْأولِ واثقاً بِأَن اجْتِهَاده هُوَ الْمَطْلُوب مِنْهُ وَلَا ضَرَر فِي الْخلاف اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون ذَلِك الْأَمر المنظور فِيهِ من غير هَذَا الضَّرْب الَّذِي حكيناه وضربنا لَهُ الْأَمْثَال. مثل الْأُصُول الَّتِي غَايَة النّظر فِيهَا هُوَ إِصَابَة الْحق لَا غير فَإِن هَذَا مطلب آخر وَله نظر لَا بُد أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِ. وكما أَن الرياضة الْمَطْلُوبَة بصرب الصولجان وإصابة الكرة إِنَّمَا كَانَت لأجل الصِّحَّة ثمَّ لم يضر بعد حُصُول الرياضة الَّتِي حصلت بهَا الصِّحَّة كَيفَ جرى الْأَمر فِي الكرة: أصبناها أم أخطأناها فَكَذَلِك الْحَال فِي الْوَجْه الآخر. أَعنِي الَّذِي لَا بُد من إِصَابَة الْحق فِيهِ بِعَيْنِه فَإِن مثله مثل الفصد الَّذِي لَا بُد فِي طلب الصِّحَّة من إِصَابَته بِعَيْنِه وَإِخْرَاج الدَّم دون غَيره وَلَا ينفع مِنْهُ شَيْء غَيره. وَإِذا حصلت هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ من النّظر وأعطيتهما قسطهما من التَّمْيِيز لم يعرض لَك الْعجب فِيمَا حكيته من مسألتك وَخرج لَك الْجَواب عَنْهَا صَحِيحا إِن شَاءَ الله.
(مَسْأَلَة لم إِذا عرفت الْعَامَّة حَال الْملك فِي إِيثَار اللَّذَّة وانهماكه على الشَّهْوَة)
واسترساله فِي هوى النَّفس استهانت بِهِ وَإِن كَانَ سفاكاً للدماء قتالاً للنفوس ظلوماً للنَّاس مزيلاً للنعم وَإِذا عرفت مِنْهُ الْعقل وَالْفضل وَالْجد هابته وجمعت أطرافها مِنْهُ مَا شَهَادَة الْحَال فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن جوابها يشْرَح علما فَوق قدر الْمَسْأَلَة.