تتحرك حَتَّى تصيب الْحق من الْوُجُوه الَّتِي تمكن إِصَابَته مِنْهَا. فَإِذا أَصَابَته سكنت لِأَن غَايَة كل متحرك أَن يسكن عِنْد بُلُوغه الْغَايَة الَّتِي تحرّك إِلَيْهَا. ولعلك تقف من هَذَا الْإِيمَاء على غور بَعيدا جدا. أعانك الله - تَعَالَى - عَلَيْهِ بِلُطْفِهِ. لم صَار الْحَيَوَان يتَوَلَّد فِي النَّبَات وَلَا يتَوَلَّد النَّبَات فِي الْحَيَوَان أَي قد تتولد الدودة فِي الشَّجَرَة وَلَا تنْبت شَجَرَة فِي حَيَوَان. فَلم لم يجب. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: إِن الْحَيَوَان يحْتَاج فِي وجوده إِلَى وجود النَّبَات والنبات لَا يحْتَاج فِي وجود إِلَى وجود الْحَيَوَان. وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن الْحَيَوَان أَكثر تركيباً من النَّبَات لِأَنَّهُ مركب مِنْهُ وَمن جَوَاهِر أخر أَعنِي النَّفس الحيوانية وَلذَلِك يكون الْحَيَوَان فِي أول تكونه نباتاً ثمَّ تحصل من بعد حَرَكَة الْحَيَوَان. وَحُصُول أثر النَّفس فِي الْإِنْسَان إِنَّمَا يكون بعد أَن تستتم فِي الرَّحِم صُورَة النَّبَات. وَيكون استمداده الْغذَاء بِهِ هُنَاكَ بعروق مُتَّصِلَة برحم أمه شَبيهَة بعروق النَّبَات حَتَّى إِذا اسْتكْمل أَيْضا صُورَة الْحَيَوَان وحصلت لَهُ النَّفس الحيوانية تقطعت تِلْكَ الْعُرُوق وَهُوَ الطلق الَّذِي يلْحق الْأُم ويحرك الْوَلَد لِلْخُرُوجِ. فَإِذا خرج وتنفس فِي الْهَوَاء فتح فَمه واغتذى بِهِ. وَلَا يزَال تكمل فِيهِ صُورَة الْحَيَوَان إِلَى أَن يقبل أثر النَّفس الناطقة ثمَّ يكمل بهَا وَيصير إنْسَانا بقدرة الله - تَعَالَى ولطف حكمته جلّ اسْمه