(مَسْأَلَة)
ذكرت فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَسْأَلَة ذكرهَا أَبُو زيد الْبَلْخِي حاكياً وَمر أَيْضا بجوابها رَاوِيا قَالَ أَبُو زيد الفلسفي الْبَلْخِي: قيل لبَعض الْحُكَمَاء مَا معنى سُكُون النَّفس الفاضلة إِلَى الصدْق ونفورها عَن الْكَذِب فَقَالَ: الْعلَّة فِي ذَلِك كَيْت وَكَيْت. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: إِنَّمَا تسكن النَّفس الفاضلة إِلَى مَا كَانَ من الْخَبَر مَقْبُولًا إِمَّا بِوُجُوب مِمَّا اقْتَضَاهُ دَلِيل من برهَان أَو إقناع قوى وَمَا لم يكن كَذَلِك فَإِن النَّفس - لَا محَالة - ترده وتأباه. وأظن صَاحب الْمَسْأَلَة إِنَّمَا أَرَادَ من هَذِه الْمَسْأَلَة: كَيفَ صَارَت النَّفس تسكن إِلَى الْحق بالْقَوْل الْمُرْسل فَالْجَوَاب: أَن النَّفس إِنَّمَا تتحرك حركتها الْخَاصَّة بهَا - أَعنِي إجالة الروية - طلبا للحق لتصيبه. وَلَوْلَا طلبَهَا لما تحركت وَلَوْلَا حركتها هَذِه لما كَانَت حَيَّة تفِيد الْجِسْم أَيْضا الْحَيَاة. فَالنَّفْس بِهَذِهِ الْحَرَكَة الدائمة الذاتية حَيَّة. بل الْحَيَاة هِيَ هَذِه الْحَرَكَة من النَّفس وَهِي ذاتية لَهَا كَمَا قُلْنَا. وَأَنت تعرف ذَلِك قَرِيبا من انك لَا تقدر ان تعطلها من الروية والفكر لَحْظَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا - أبدا - إِمَّا مروية جائلة فِي المحسوس أَو مروية جائلة فِي الْمَعْقُول بِلَا فتور أبدا. وَكَذَلِكَ هِيَ دائمة الْحَرَكَة. وَهَذِه الْحَرَكَة إِنَّمَا هِيَ تِلْقَاء أَمر مَا. أَعنِي بِهِ إِصَابَة الْحق فَإِذا أَصَابَته سكنت من ذَلِك الْوَجْه. وَلَا تزَال