حدِّثْ بمعروفِنا ومُنكرِهم ... ورأينا في مبَرَّةِ العققَهْ
إذا ملكْنا غداً بواصيهم ... فليثقُوا بالرَّجاءِ كل ثقهْ
إنْ لم نصدِّقْ على مُسيئهمُ ... بالعفوِ منا فملكُنا صدقَهْ
وأنفذ الأبيات مع من طرحها في المسجد الجامع بالبصرة، فتدوولت وأجاب عنها سفهاء الشعراء هنالك.
294 - ووقع يوماً أبو الحسين محمد بن أحمد الرازي المعروف بكوردوير وتفسيره الكاتب الأعور في وزارته لمعز الدولة أبي الحسين بن بويه أول أمره: "احمل أيدك الله يا وكيل الأنقاض في الوقت والساعة خمسين طافالا للذنب إن شاء الله" أراد خمسين جذعاً للجسر، فكتب نصف التوقيع بالعربية ونصفه بالعجمية.
ووقع أيضاً مثل ذلك: "افعل ما رسمته لك وباشت بين إن شاء الله، وقد أعذر من أنذر، السلام" باشت بين: أبصر بين يديك! ووقع أيضاً: "اعمل الذي أمرتك به بجهد وتوان وعزل التقصير إن شاء الله، وتوان قدرتك! "
295 - وحدث أبو الفضل بن المرزبان الشيرازي عن أخيه أبي منصور أنه قرأ رقعة كتبها كوردوير إلى أبي على الطبري، وكان بعسكر مكرم: "واستدعى معز الدولة حضور أبي علي لمهم يخاطبه عليه مولاي الأستاذ أدام الله عزه يعرف الأمر كيف هو والذي ذكره مولانا الأمير أطال الله بقاءه أنه لا يحتمل المكاتبة ولا يجوز تأخيره ويحتاج إلى السرعة، والصواب أن يترك مولاى الأستاذ الدواب على الشط ويبادر هو ويمشي على الزبزب في السرعة الخفيف ولا يفكر في الدواب، فقد أقمت له ما يحتج إليه منهم في حان الطواف، إن شاء الله تعالى".
296 - ووقع أبو القاسم العلاء بن الحسن أحد وزراء صمصام الدولة بن عضد الدولة في رقعة عرضها عليه ابن ثعلبة أحد كتاب الديلم بالأهواز، وكان يكثر عليه في طلب المحال وما لا يجوز ولا يسوغ: "قاق قاق قاق! " ولأبي الفضل بن حيدرة فيه:
إذا ما العَلاءُ علا دستَهُ ... يُوقَّعُ في القصصِ الوارِدَهْ
فقُلْ للزَّمانِ بلا حشمةٍ ... خريتَ على الناسِ بالواحدهْ!
297 - وحدثني الرئيس أبو الحسين والدي رحمه الله قال: كان أبو الطيب بن لافرخان ابن شيران أحد وزراء صمصام الدولة أبي كاليجار المرزبان ابن عضد الدولة أبي شجاع بن بويه يكشف رأسه، ويضع عمامته على مخاد دسته، ويحمى في المناظرة والمخاطبة، ويزحف إلى أن يخرج من الدست، ويطاف به فيحال بينه وبين دسته وعمامته، فسرقت يوماً، فسأل عنها فلم توجد، وجيء له يغيرها.
298 - وحدثني الرئيس أبو الحسين والدي رضي الله عنه قال: حدثني أبو طالب العلاء بن محمد سبط أبي الحسن علي بن محمد المعروف بالأشقر قال: كان أبو علي الحسن بن بندار من أهل كازرون وزربشيراز، فوقع يوماً: "بس الله الرحمن: الصبر في نفس السلطان الأعظم أطال الله بقاءه كالماء في القدح العدل كلما زاد على الحد ذهب منه الكل"فلما وصل ذلك إلى عبد الواحد بن مسعود أحد الرعاة المنغلبين بأطراف فيروزاباد، وكان إليه، قال: لو فهمت ما كتبته لأجبت عنه! قال: وقال يوماً لأبي القاسم البلخي: أيها الأستاذ ماء القسمة أصلح للشجر أم ماء الوكيلّ فقلت الماء أيها الوزير واحد وإنما قسم قسمين فقسم لوكيل السلطان وقسم للتناء سمي القسمة، وسمي ذاك ماء الوكيل!
299 - وحدثني والدي رضي الله عنه قال: حدثني أبو عبد الله بن المرزبان ابن أخي أبي منصور الشيرازي قال: لعب أبو غسان عبد الله بن أحمد الشيرازي مع أبي سعيد بن ميدان الشيرازي أحد عمال عضد الدولة أبي شجاع بن بويه، ومتقدمهم بالشطرنج، فقال أبو غسان وقد اتجهت له ضربة: شاهك وسر كلاهك وأطيل حزنك فأهلك فرمى بالشطرنج ونهض وقال: هذا لمن يقول وقد بلغنا إلى النساء فضحك أبو غسان منه وضحكنا وشتمنا وانصرف.