الطير فتظلهم، قال: ثم يدعو الريح فتحملهم فيسير في الغداة الواحدة مسيرة شهر. قال: فبينما هو في مسيرة إذا احتاج إلى الماء، وهو في فلاة من الأرض قال: فدعا الهدهد، فجاءه فنقر في الأرض فيبصر موضع الماء. قال: فتجيء الشياطين فيسلخونه كما يسلخ الإهاب، ثم يستخرجون الماء. فاعترض على ابن عباس نافع بن الأزرق، فقال له: كيف يبصر الهدهد الماء تحت الأرض، ولا يبصر الفخ حتى يقع في عنقه؟ فقال له ابن عباس: ويحك إن القدر إذا جاء حال دون البصر.
وذكر أن الهدهد كان يرى الماء في الأرض، كما يرى الماء في الزجاجة. ومعنى قوله: {مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد أَمْ كَانَ مِنَ الغآئبين}، أي أخطأه بصري فلا أراه، وقد حضر أم هو غائب فيما غاب من سائر أجناس الخلق؟ " وكان " ها هنا بمعنى صار لأنه لم يستفهم وهو حاضر، إنما استفهم عنه وهو غائب، وإذا حملت " كان " على لفظها صار المعنى أنه استفهم عنه وهو حاضر، ولم يكن كذلك بل كان غائباً وقت الاستفهام فكان محمولة على معنى صار. وبذلك يتم المعنى.