78

قوله تعالى ذكره: {وَهُوَ الذي أَنْشَأَ لَكُمُ السمع} إلى قوله: {مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ}.

أي: والله الذي أحدث لكم أيها المكذبون السمع لتسمعوا به والأبصار لتنظروا بها، والأفئدة: أي والقلوب لتفهموا بها فكيف يتعذر على من أنشأ ذلك على غير مثال الإعادة، وقد تقدم المثال.

ثم قال تعالى: {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ}.

أي: قليلاً شكركم على ما أعطاكم من النفع بهذه الجوارج وغيرها.

ثم قال تعالى: {وَهُوَ الذي ذَرَأَكُمْ فِي الأرض}.

أي: أنشأكم فيها {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي: بعد مماتكم، أي تصيرون إلى حكمه فيكم وعدله، وليس هو حشر وصيرورة إلى قرب مكان، لأن القرب والبعد في الأمكنة إنما يجوز على المحدثين الذين تحويهم الأمكنة، والله لا يجوز عليه ذلك، إنما هو حشر إلى وعده وحكمه فيهم، وكذلك كل ما كان في القرآن من قوله: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ} و {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} كله معناه تصيرون إلى حكمه ووعده ومجازاته ليس هو صيرورة إلى قرب مكان، سبحانه لا تحويه الأمكنة ولا تحيط به المواضع، وليس كمثله شيء. الأمكنة كلها مخلوقة والأزمننة محدثة وهو قديم إلا إله إلا هو، فلا يحوي المحدث إلا محدثاً. فافهم هذا واستعمله في كل ما جاءك منه في كتاب الله، ولا تتوهم فيه قرب كان ولا دنوا من موضع دون موضع ألزم فهمك ونفسك أنه تعالى لا يشبهه شيء ولا مثله شيء.

ثم قال: {وَهُوَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ}.

أي: والله الذي جعل خلقه أحياء بعد أن كانوا نطقاً أمواتاً فنفخ فيهم الروح، وهو يميتهم بعد إحيائهم.

{وَلَهُ اختلاف الليل والنهار}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015