الأرض، فيعتبرون بمن كان قبلهم من الأمم، الذين كذبوا رسلهم، ويخافون أن يهلكوا بذنوبهم كما هلك من كان قبلهم.
ثم قال: {وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ}: أي: الجنة خير لهم لو آمنوا من دار الدنيا.
ثم قال تعالى: {حتى إِذَا استيأس الرسل} الآية، ومعنى الآية: أنها مردودة على ما قبلها، وهو قوله (تعالى): {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ القرى} فالمعنى: حتى إذا استيأس الرسل الذين تقدم ذكرهم، من إيمان قومهم، وأيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم. جاء الرسل نصرنا. فيكون الفعلان " للرسل / " والضمير ان في " أنهم "، وجاءهم للرسل أيضاً، هذا على قراءة من شدَّد " كُذِّبوا. قال هذا التفسير: الحسن، وقتادة وتحتمل هذه القراءة معنىً آخر، وهو أن يكون المعنى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان من كذبهم (من) قومهم، وظنوا أن من آمن من قومهم قد كذبوهم، لما لحقهم من البلاء والامتحان، جاء الرسل نصرنا.
(وهذا المعنى مروي من عائشة رضي الله عنهها: (روى عروة عنها أنها) قالت: مَحَنَ المؤمنين بالبلاء، والضر حتى ظن الرسل أن المؤمنين قد كذبوهم لما لحقهم فيكون الظن بمعنى: الشك لا بمعنى اليقين.
فأما المعنى على قراءة من خفف " كذبوا " فعلى تقدير: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كُذِبُوا: أي: أخلفوا لما وعدوا به من النصر. جاء الرسل نصرُنا. فيكون الظن بمعنى: اليقين، وبمعنى: الشك، وتحتمل هذه القراءة أيضاً معنى آخر، وهو أن يكون التقدير: {حتى إِذَا استيأس الرسل} من إيمان قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم. ثم رَدَّ إلى ما لم يسم فاعله.